وتنكح المرأة كذلك لحسبها، ويطلق الحسب
في الأصل على الشرف بالآباء وبالأقارب، فهو مأخوذ من الحساب، لأنهم كانوا
إذا تفاخروا عدوا ما لهم من مناقب ومآثر وما لآبائهم وأجدادهم وقومهم
وحسبوا ذلك كله، ويكون الحكم لمن زاد على غيره، وقيل إن المراد بالحسب في
الحديث هو الفعال الحسنة.
[size=24]وقيل: المال وهو مردود، لذكر المال قبل
ذلك، ولأنه عطف عليه الحسب والعطف يقتضي المغايرة، وروي من حديث بريدة:
“إن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المال”، وهذا على معنى أن المال حسب
من ليس له حسب، ومن ذلك أيضا حديث سمرة: “الحسب المال، الكرم، التقوى”،
وقد تمسك بهذا الحديث من اعتبر الكفاءة بالمال، وهناك احتمال آخر هو أن من
شأن أهل الدنيا رفعة من كان كثير المال ولو كان وضيعا.
[size=24]وقال أحد العلماء: الحسب العقل الجميل
للرجل وآبائه، واشترط الإمام الغزالي الزوجة نسيبة أعني أن تكون من أهل بيت
الدين والصلاح، فإنها ستربي بناتها وبنيها، فإذا لم تكن مؤدبة لم تحسن
التأديب والتربية.
و[size=24]تنكح المرأة كذلك “لجمالها” ولكن إذا
تعارض الجمال مع الدين فلا خير فيه، ويتبع جمال المنظر جمال الخلق، هذا وفي
الجمال عفة الزوج عن أن يمد عينيه إلى ما حرم الله، وانشراح لصدره وسرور
في حياته، فخير النساء من إذا نظرت إليها سرتك.
[size=24]ولئن قدمنا في أول المطالب أن الإسلام
يحث على الزواج من ذات الدين، وألا يكون الجمال مقصود المتزوج فحسب، إنما
هو تصوير للزواج المثالي في الإسلام، وتطهير له مما يتعلق به من رغبات
الجمال فقط مع عدم الدين، فهذا ما نهى عنه الإسلام وحذر منه، أما الجمال مع
الدين فهو المطلوب.[/size]
واقتصر الحديث على ذكر هذه الأمور
الأربعة دون غيرها، كأن تكون الزوجة بكرا أو ولودا أو ذكية، لأن هذه الأمور
التي ذكرت هي التي اعتاد كثير من الناس اعتبارها في الزواج، وطمعوا في
تحقيقها وتقديمها على غيرها، كما جرت عادتهم بقصد هذه الخصال الأربع وتأخير
الدين، فبين لهم الرسول صلى الله عليه وسلم ما ينبغي أن يظفروا به في
قوله: “فاظفر بذات الدين تربت يداك”.
[/size]
[right]وقيل: معناه ضعف عقلك، وقيل افتقرت من
العلم، وقيل فيه شرط، أي وقع لك ذلك إن لم تفعل، فالفاء واقعة في جواب شرط
مقدر، أي إذا تبين ذلك فاظفر بذات الدين تربت يداك، أي افتقرت إن لم تنشد
ذات الدين.[/size]