درويش عز الدين يكتب: وأخيرًا أصبح لدينا رئيس منتخب الثلاثاء، 26 يونيو 2012 - 21:10
محمد مرسى
كان يوم 24 يونيه يومًا عصيبًا، خصوصًا فى ظل ما سبقه من تلميحات
وتأويلات وإشاعات شكلت جميعها جوًّا ضاغطًا متوترًا على كل محب لهذا البلد
حتى أتت اللحظة الحاسمة وأُعلن فيها الامتثال لرغبة شعب مصر الصادق الطيب
فى اختياره رئيسًا لأول مرة فى تاريخ مصر، وأن يكون هذا الرئيس - مهما
اختلفنا على اختصاصاته التى ينازعه عليها المجلس العسكرى - من قلب ثورته،
وممن عانوا من السجن والاضطهاد، وهى رسائل غير مباشرة يوجهها شعبنا الغالى
إلى الجميع من نخبة وقوى سياسية وإعلام هابط، هى رسائل واضحة المعالم إلى
الجميع: قدموا أفضل ما لديكم، فالشعب يعرف ما يريد، ويعرف كيف يفرق بين
الغث والثمين.
مبروك لبلدى، كم أشعر بالفخر وأنا أتنفس اعتزازًا بمصر وشعبها الأبىِّ الذى
رفع رؤوسنا أمام العالم بصورة تجعل الفخر بمصريتنا يتفجر ويطفو على وجوهنا
ومشاعرنا خاصة مع هذا الكم من المشاركة غير المسبوقة من أناس كنا افتقدنا
فى أعينهم تلك النظرة منذ زمن بعيد، فإذا بهؤلاء أمس يكلفون أنفسهم - ليس
فقط بالمشاركة فى متابعة مؤتمر لجنة الانتخابات الرئاسية - ولكن بأن
يشاركونا أيضًا التهانى والأفراح بما يشعرك بقدر مصر الحقيقى الذى مسخه
الفاسدون، فإذا قضاء الله يحفظها، وترى قدرها الحقيقى فى أعين أولئك الذين
يشاركونك الفرح على اختلاف جنسياتهم من يمنى إلى سورى وسودانى وسعودى
ولبنانى وفلسطينى، الكل يشعر بأنها لحظة فرح وفخر أتمنى ألاَّ تنتهى أبدًا.
هذا هو قدرك يا مصر، فعودًا حميدًا، أسأل الله أن يكون عودًا ينصلح به
حالنا جميعًا كمصريين بالتآلف والتوحد، وأن نعيد حساباتنا للإصرار على دولة
مصرية مدنية وليست عسكرية، يتمتع فيها كل من ينتسب إليها بحقه كاملاً غير
منقوص، دولة لا إقصاء فيها ولا استبعادًا، دولة يعرف حكامها أنهم جزء من
هذا النسيج، وليسوا من جنس آخر يتعالى على أبناء هذه الأمة، ولو كانوا من
العسكر الذين استعذبوا السياسة والتلاعب بها، ونسوا أن كل نكبات مصر
السابقة بدأت بدخول العسكر المعترك السياسى، مسلحين بكبر القوة، سلاحهم ليس
الحوار، وإنما الإقصاء والتخوين، وأسأل الله أن يكون مجلسنا العسكرى
الموقر فى هذه اللحظة الحاسمة يراجع حساباته ويقرأ التاريخ جيدًا؛ حتى يظل
فى قلوب المصريين جزءًا وفيًّا من جيش مصر العظيم، وليس مجلسًا نشعر معه
بأننا فى صراع حول كيفية إدارة الدولة، ويجب عليه إيقاف محاولات الاستحواذ
على مفاصل الدولة، فالجيش فى أى دولة ديمقراطية دوره الحفاظ على الأمن
والالتزام بقرارات القيادة السياسية، وليس مناطحتها وسحب صلاحياتها؟ نأمل
أن يُلّمَّ شمل الوطن بكل أطيافه التى انحازت لرغبات الشعب فعلاً لا قولاً،
فليتجاوب المجلس مع نبض الشارع بدلاً من لغة التهديد والوعيد التى لن ترهب
شعبًا يعلم ما يريد.
اللهم احفظ مصر من كل سوء واجمع أبناءها على قلب رجل واحد.. آمين.