بالصور.. "دعاء ومحمد".. قصة اتنين أخوات
اتفرقوا فى قطار الموت بمنفلوط.. "محمد" عند ربنا و"دعاء" بتنادى عليه كل
الناس "فين أخويا؟" الأحد، 18 نوفمبر 2012 - 14:44
الطفلة دعاء
كتب محمود سعد الدين - تصوير محمود حفناوى
"دعاء ومحمد.. الابن مات والبنت عاشت".. عبارة من جزأين يرددها
الأب جمال شحاتة، منذ وقوع الحادث، العبارة نفسها نصفها يعكس دراما لحياة
انتهت وأخرى بدأت من جديد.
الأب جمال شحاتة أحد أبناء قرية المندرة قبلى بمركز منفلوط، ينتمى لأسرة
صعيدية، ويربى أبناءه على نفس النهج، أدخلهم المعهد الأزهرى لدراسة القرآن
الكريم وعلومه.
فى السادسة مبكراً استيقظ جمال شحاتة ليمارس نفس طقوسه اليومية، بداية من
صلاة الصبح، ثم إيقاظ قرتى عينه "دعاء ومحمد"، وإيصالهما إلى أتوبيس المعهد
الأزهرى، والتأكد من أنهما يجلسان سوياً فى كرسى واحد، والتأكيد على
السائق بأن يحافظ على ابنيه ويقود السيارة بتأنٍ.
لم تمر دقائق على مغادرة الأب جمال شحاتة للأتوبيس، حتى ترك محمد الكرسى
بجوار أخته دعاء وأخبرها بأنه سيجلس فى الكراسى الأمامية بجوار أصدقائه،
وهو ما لم تمانعه أخته دعاء، غير أنها كانت تنظر إليه من وقت لآخر لتراقبه
بعينيها، دقائق أخرى مرت ووصل الأتوبيس على مزلقان المندرة القبلى، جاء وقت
الاصطدام مع القطار وما زالت عينا الأخت دعاء على أخيها محمد فى الأمام.
الاصطدام بين القطار والأتوبيس ترتب عليه موت كل من كان بالنصف الأمامى،
منهم محمد، وإصابة الأطفال بالنصف الخلفى، منهم دعاء، وترتب عليه أيضاً أن
نظرات دعاء وترقبها لأخيها محمد كان هو الأخير فى حياته، وكان تركه للكرسى
بجوارها بمثابة تركه للحياة بأكملها.
بعد الاصطدام بدأت سيارات الإسعاف فى نقل المصابين، ومنهم دعاء، إلى مستشفى
أسيوط الجامعى، ليكون كل ما على لسانها "فين أخويا محمد.. هاتولى أخويا
محمد"، ولم يكن فى وسع الأطباء إلا أن أعطوها عقاراً لتهدئتها، خاصة أنها
أجرت عملية جراحية عاجلة ومصابة بكسور مختلفة فى جسدها.
الأب جمال، بعد الحادث، لم يكن يعلم ماذا يصنع، يبحث فى كل طريق، يهرول
ليجد دعاء ومحمد، بعد وقت قليل علم أن دعاء بمستشفى أسيوط فحمد الله وعقد
النية على التوجه للاطمئنان عليها، لكن بعد أن عثر على محمد، ولكن للأسف لم
يجد محمد حياً فوجده على قضبان القطار، ولم يستطع من الأساس التعرف عليه
إلا من ملابسه، لأن رأس محمد تهتكت ويديه كانت مقطوعتان.
الأب جمال شحاتة كان فى فاجعة كبرى، فقد حمل ابنه على يده وتوجه به إلى
المقابر لدفنه، ثم توجه إلى المستشفى ليطمئن على ابنته دعاء، غير أنه وجدها
تردد نفس العبارة "أين محمد.. أين محمد؟" ولكنه لم يستطع الإجابة عليها.