غدا.. احتجاب 11 صحيفة ضد تكبيل الحريات
وضياع ضمانات حرية الإعلام بالدستور الجديد.. و3 قنوات فضائية تسود الشاشة
احتجاجا على الاعتداء.. ومشاورات مع "المحور" لتنضم للقرار الإثنين، 3 ديسمبر 2012 - 00:39
الصحف
كتب أحمد عطوان تصوير صلاح سعيد
قررت 11 صحيفة مصرية يومية حزبية ومستقلة الاحتجاب غدا الثلاثاء
عن الصدور احتجاجا على انتهاك الحريات ومصادرة حرية الرأى، والتعبير وعدم
الوفاء بالحد الأدنى لما أقرته دساتير مصر السابقة، وذلك بالدستور المقرر
طرحه للاستفتاء يوم 15 من شهر ديسمبر الجارى.
جاء ذلك تنفيذا لقرار مجلس نقابة الصحفيين بالاحتجاب عن الصدور غدا
الثلاثاء، والذى قرره كخطوة إيجابية فى مواجهة استمرار تجاهل الجمعية
التأسيسية لمطالب الصحفيين، كخطوة أولى تتبعها خطوات تصعيدية.
كما قررت 3 قنوات فضائية تسويد الشاشة يوم الأربعاء القادم تصعيدا للاحتجاجات.
وأقر رؤساء التحرير وممثلو الفضائيات، فى الاجتماع الذى دعت إليه "اللجنة
الوطنية للدفاع عن حرية الرأى والتعبير"، بالإجماع على قرار الحجب وتسويد
الشاشات، ورفض الإعلان الدستورى، الذى يعتبرونه انقلابًا على أهداف الثورة،
وعدم الاعتراف بالدستور، وإعلان التضامن مع القضاة.
وأوضح المشاركون أن الصحف التى ستحتجب هى: "اليوم السابع"، "المصرى اليوم"،
"التحرير"، "الوطن"، "الصباح"، "الشروق"، "الوفد"، "الأهالى"، "الأسبوع"،
"الأحرار"، "الفجر".
وقد حضر الاجتماع جمال فهمى، وكيل نقابة الصحفيين، وكارم محمود، سكرتير عام النقابة.
كما وافقت 3 قنوات على تسويد شاشاتها، وهى قنوات "ONTV"، و"دريم"، و"CBC"، ويجرى التشاور حاليا مع قناتى "الحياة" و"المحور".
قال إعلاميون وحقوقيون ونشطاء مجتمع مدنى وشيوخ المهنة، إن احتجاب الصحف
المستقلة والحزبية اليومية، المقرر الثلاثاء، احتجاجًا على المواد التى
تنظم عمل الصحافة والإعلام والنشر فى الدستور الجديد، والتى اعتبروها أسوء
من تلك التى كانت موجودة فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، يمثل رسالة قوية
بأن "مصر نفسها فى طريقها للاحتجاب".
ونشرت الزميلة "المصرى اليوم" على لسان بهى الدين حسن، مدير مركز القاهرة
لدراسات حقوق الإنسان، أن إعلان بعض الصحف الحرة عن احتجابها اعتراضاً على
الإعلان الدستورى والأوضاع السياسية الحالية فى البلاد، يمثل "رسالة قوية
للرأى العام بأن مصر على وشك الاحتجاب، وأن الدولة تدخل مراحل خطيرة وفى
طريقها للتفتت وإنهاء كيانها".
وأضاف: "الاحتجاب إنذار بأن شيئاً مخيفاً أكبر قادم، وتنبيه للمواطنين بأن
السياسات الحالية للنظام الحاكم، والتى تتسم باللامبالاة بوحدة البلاد،
سياسات خطيرة يجب التراجع عنها"، لافتاً إلى أن الدستور الجديد لا يتساوى
ودستور 71 الذى قامت الثورة لإسقاطه، بل هو خطوة كبيرة للوراء عنه".
واعتبر "حسن" أن مواد الصحافة والإعلام فى الدستور الجديد "خطوة كبيرة
للخلف عن دستور مبارك، ويكشف عن عداء متجذر لدى واضعيه تجاه حقوق الإنسان
بشكل عام وحرية الصحافة والإعلام بشكل خاص، وأن من وضعوه لديهم عقلية
فاشية، جمعية تعادى الحريات والحقوق".
وأشار إلى أن "احتجاب الصحف" رسالة كذلك للرأى العام العالمى، بأن حرية
الرأى والتعبير تموت فى البلاد"، مشيراً إلى أن "النظام الحالى عقد صفقات
مع الغرب أسوأ من التى عقدها مبارك".
وأكد خالد على، المرشح السباق لرئاسة الجمهورية، مدير المركز المصرى للحقوق
السياسية والاقتصادية، أن قرار الاحتجاب رسالة للنظام الحاكم بضرورة تصحيح
الأوضاع القائمة، كما أن الاحتجاب وسيلة مشروعة للتعبير عن الرفض.
وقال جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن خطوة احتجاب
الصحف "مشروعة وسلمية وتسجل اعتراضاً على قرار ما خطأ تم اتخاذه ولا بد من
الرجوع فيه".
وأكد أن الاحتجاب "من أنسب الوسائل للتعبير السلمى، عن رفض الصحف لقرار
بعينه أو لاتجاهات النظام الحاكم فى الوقت الحالى"، معلناً تضامن المنظمات
الحقوقية مع قرار الحجب ودعمه بكل الوسائل وذلك، لأن الصحف تتأخذ قرار
سلمياً وإجراءات سلمية.
من جانبه، رحب الكاتب الصحفى رجائى الميرغنى بهذه الخطوة التصعيدية،
معتبراً أن احتجاب الصحف شكل من أشكال الاحتجاج الديمقراطى على الإعلان
"الذى يرفضه أغلب المصريين"، مضيفا أنه احتجاج مشروع على دستور لا يعبر عن
مصلحة مصر.
وقال "الميرغنى" إن الجمعية التأسيسية للدستور تجاهلت المواد التى كانت قد
تقدمت بها نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة والتى تخص حرية الصحافة
والإعلام فى الدستور الجديد.
وتوقع الكاتب الصحفى صلاح عيسى "رد فعل قوى" لدى الشارع المصرى، خاصة أن
الصحف الحزبية والمستقلة التى قررت الاحتجاب صحف واسعة الانتشار، ولها عدد
كبير من القراء ربما يكون أكبر من قراء الصحف القومية التى ستمتنع عن
الاحتجاب.
من جانبه، قال الكاتب الصحفى والنقابى يحيى قلاش، المتحدث باسم لجنة الدفاع
عن حرية الصحافة والإعلام، إن "الاحتجاب سيكون له رد فعل قوى لدى الشارع
المصرى، سيجعله يشعر بمدى الخطورة التى يتعرض لها خلال الدستور".
وأوضح "قلاش" أن الصحافة ليست ملك للصحفيين، ولكنها ملك للمواطن المصرى،
وأن نضال الصحفيين "ليس من أجل الحصول على مميزات أو امتيازات خاصة، لكن من
أجل حق المجتمع فى الحصول على إعلام وصحافة حرة تنقل له الحقيقة كاملة".
وتوقع "قلاش" أن تتعرض الصحف التى قررت الاحتجاب إلى هجوم حاد من صحف قومية
تسيطر عليها قيادات إخوانية، وصحيفة "الحرية والعدالة" الناطقة بلسان حزب
"الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.
واعتبر جمال عبد الرحيم، وكيل نقابة الصحفيين، أن ما يحدث "أمر غير مقبول
بالمرة، فلا يعقل أن تتراجع حريات الصحافة والإعلام عما كانت عليه قبل ثورة
أول شعار لها الحرية".
ولفت إلى أن الإضراب سيكون "مؤثراً بشكل ما"، رغم عدم احتجاب الصحف القومية
وعدم مشاركتها فيه، مشيرا إلى أن النظام الحالى "معادٍ للحريات بشكل غير
مسبوق".
وأضاف أن "أى دولة ديمقراطية فى العالم تتمتع بصفتين أساسيتين أولاهما حرية
الصحافة والإعلام وثانيهما استقلال القضاء، ما حدث من النظام الحاكم بعد
الثورة يؤكد أننا مقبلون على دولة ديكتاتورية تتوغل على السلطة القضائية
وتضرب بأحكامها عرض الحائط، وتفرض المزيد من القيود على الحريات العامة
والصحفية لقمع معارضتها".
وأكد عبد الرحيم أن مجلس النقابة فى حالة انعقاد دائم، وأن المجلس سيبحث
سبل التصعيد عقب الاحتجاب حال الإصرار على طرح الدستور للاستفتاء.
جدير بالذكر أن بعض الصحف المشتركة فى قرار الاحتجاب قد تشاركت فى غلاف
صفحتها الأولى الصادرة اليوم الاثنين، إعلان الاحتجاب يوم الثلاثاء القادم،
تأكيدا على ترابط الجماعة الصحفية فى مواجهة الحملة الشرسة ضد حرية الرأى
والتعبير وحرية الإعلام.