أسرار عودة وباء أنفلونزا الخنازير.. جولة بـ5 مستشفيات بالشرقية تكشف أسباب انتشار المرض فى المحافظات.. تطبيق العزل بمستشفى صيدناوى الجامعى بعد 3 أسابيع من ظهور أول حالة
الأحد، 9 فبراير 2014 - 08:29
أنفلونزا الخنازير
تحقيق - صفاء عاشور - آية نبيل
خمس وفيات هم عدد ضحايا أنفلونزا الخنازير بمحافظة الشرقية، أولى محافظات الجمهورية التى دقت ناقوس الخطر، معلنة عودة وباء أنفلونزا الخنازير فى مصر، بعد ثلاث سنوات من الاختفاء، فى حين أعلن المحافظ سعيد عثمان عن وجود 27 حالة إصابة بنفس المرض، قبل أن تنتشر أخبار المرض بين المحافظات، التى تستوجب استنفار جميع أجهزة الدولة.
«اليوم السابع» زارت 5 مستشفيات بمحافظة الشرقية، لتقف على أسباب ظهور المرض، وانتقاله فى بعض الأحيان إلى الأطباء، وقد كشفت الجولة عن غياب رؤية وزارة الصحة لمكافحة المرض، حيث أكد الأطباء هناك أن التطعيم بالأمصال الواقية لم يتم إلا نهاية الأسبوع الحالى، رغم معرفة القائمين بالوزارة أن مرض أنفلونزا الخنازير بات متوطنا فى مصر منذ سنوات.
ذلك فضلا على قلة عدد أطباء الباطنى وتخصصات أمراض الصدر الأخرى، فضلا على عدم وجود معامل لاكتشاف مرض أنفلونزا الخنازير بالمحافظة، واضطرار الأطباء إلى الانتظار 72 ساعة، لوصول النتائج التى تحدد طبيعة المرض، حتى أن عددا من الأطباء يضطرون إلى إعطاء المرضى «التمى فلو»، كإجراء وقائى، قبل الكشف عن إيجابية إصابة الحالة بمرض إنفلونزا الخنازير.
المستشفى الجامعى لم تفتتح عناية «العزل» إلا بعد 3 أسابيع من ظهور الحالات
المستشفى الجامعى بالمحافظة، التى لم يكن يظهر عليها أية ملامح لظهور الفيروس بين أرجائها إلا بهمهمات غاضبة بين عدد من الممرضات اللاتى طالبن بضرورة تعميم التطعيم ضد مرض أنفلونزا الخنازير بين جميع العاملين بالمستشفى، والذى اقتصر على أطباء الباطنة والأمراض الصدرية وطاقم التمريض بالعناية المركزة.
تكتم شديد تفرضه إدارة المستشفى حول ظهور 4 حالات مصابة بأنفلونزا الخنازير تعرضت إحداها للوفاة صباح حضورنا للمستشفى الخميس الماضى، وحالات أخرى بأعراض فيروسات أخرى غير متعارف عليها بين أرجائها، ورغم ذلك، علمت «اليوم السابع» أن وحدة عزل المرضى بالعناية المركزة للمرضى لم يتم افتتاحها إلا منذ يومين فقط، بمستشفى صيدناوى، التابعة للمستشفى الجامعى، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من ضغط الأطباء هناك.
ولقد حاولت «اليوم السابع» تفقد حالة وحدة العزل بمستشفى صيدناوى، لكن الأطباء رفضوا ذلك، وأكدوا وجود حالة واحدة بوحدة العزل الآن، مع عدم التصريح لهم بالحديث عن وضعها الصحى وفقا لتعليمات إدارة المستشفى، وأن الدكتور طارق عزت، مدير إدارة المستشفى، هو الوحيد الذى يمكنه الحديث فى هذا الأمر، حيث شددت إدارة المستشفى على الأطباء بعدم الحديث عن أى شىء خاص بحالات أنفلونزا الخنازير، وهو نفس الأسلوب القديم الذى يتبعه عدد من المتشفيات الحكومى.
وقد تبعنا أفراد من أمن المستشفى حتى خروجنا من الباب الرئيسى، للتأكيد من عدم لقائنا أيا من أطباء الباطنة بمستشفى صيدناوى، الغريب أن الدكتور طارق عزت، مدير إدارة المستشفى الجامعى، نفى وجود أية حالات مصابة بأنفلونزا الخنازير داخل وحدة العزل بالمستشفى، مؤكدا أن الحالات المتواجدة لم يثبت إصابتها بعد، مضيفا أن الجامعة هى الجهة المسؤولة عن تطعيم طاقمها، وليس وزارة الصحة، لذلك قامت الجامعة بشراء التطعيمات على نفقتها الخاصة.
توفير الأمصال الخاصة بالمرض، لتطعيم الأطباء وطاقم التمريض، وكذلك الماسكات الخاصة بالفيروس، والذى لم يحدث إلا مؤخرا، يشير إلى عدم وجود أية ترتيبات مسبقة للوقاية، والتى من المفترض أن تتبعها المستشفيات فى بداية موسم الشتاء، الذى يبدأ من شهر أكتوبر للعام الماضى، وهو موسم معروف بنشاط فيروسات الأنفلونزا بأنواعها، وذلك رغم انتشار العدوى الشديدة بأنفلونزا الخنازير، التى شهدتها مصر منذ ثلاث سنوات مضت، التى تستوجب رفع الحذر لدى الوزارة بشكل دائم.
دكتور محمد طاهر، أحد أطباء قسم الباطنة المقيمين بالمستشفى الجامعى، أكد أنه قام بتحويل العديد من حالات الاشتباه إلى مستشفى الصدر الحكومية بالمحافظة، وقسم العناية المركزة بالمستشفى الجامعى، وصلت إلى 7 حالات خلال أسبوع واحد فقط، مضيفا أن الحالات التى ثبتت إصابتها بفيروس أنفلونزا الخنازير تؤكد أن طبيعة الفيروس قد تغيرت كثيرا، لأن المراحل العمرية التى يهاجمها الفيروس تغيرت، فلم يعد المرضى من الشريحة العمرية بين 25 و40 عاما، كالحالات التى كان يهاجمها الفيروس فى السابق، بل تغير ليشمل مسنين، ومرضى، وهو الأمر الذى يزيد من خطورة المرض، ويجعل العلاج معه غير مجد فى المراحل المتأخرة. مضيفا أن %80 من أعراض الأنفلونزا التى تصيب المصريين فى الشتاء، هى فى حقيقتها فيروسات متحورة، تشبه تلك المسببه لأنفلونزا الخنازير، ولكن بدرجات مختلفة، وهو ما يفسر نزلات البرد الشديدة التى تصيب المصريين هذا الشتاء.
مستشفى لم توفر الأمصال إلا بعد ظهور الحالات والأطباء يجرون التحاليل على نفقاتهم الخاصة
على عكس الجامعى، كان الذعر يظهر على وجوه كل مريدى مستشفى الأحرار العام من المرضى، الذين بدت معرفتهم بالوقاية من الفيروس بتغطية الأنف فقط، لتتوصل إلى أن وزارة الصحة لم تتبع أى حملات توعية بالمرض منذ بدء ظهوره فى 2009، اعتمادا على اختفائه خلال السنوات الماضية.
خوف لم يختف عند الأطباء وإن حاولوا أن يقللوا منه من خلال السخرية، وأوضحوا أن الرعب الذى يصيبهم بانتقال الفيروس إلى أى منهم لن يمنعهم من تحمل المسؤولية فى التعامل مع أى مريض يحتاج إلى المساعدة، وبنفس الوضع فى المستشفى الجامعى، لم يتم تطعيم الأطباء فى مستشفى الأحرار أو أدوات الوقاية من العدوى إلا بعد اكتشاف أول حالة فى المستشفى الخميس قبل الماضى لمريضة تدعى عزيزة.
دكتور جورج عماد، أخصائى الباطنة، والذى اكتشف حالة عزيزة أوضح أنها دخلت كمريضة برد شديد، ولأن المستشفى لم تكن تعلم بوجود حالات فى المستشفيات الأخرى، لم يشك الطاقم الطبى فى إصابتها بالفيروس إلا بعد أن تدهور حالة تنفسها فى اليوم التالى، وفور خروج صور أشعة الصدر، تصدر شك الإصابة بالفيروس لدى جورج.
يقول: «أبلغنا المديرية على الفور، التى أرسلت إلينا علبتى ماسكات، ومصل التاميفلو، وأخذت مسحة من زورها لعمل تحليل الأنفلونزا الذى خرج بعد يومين بأنه إيجابى، لكنها كانت قد وافتها المنية»، مضيفا «محدش كان متوقع أنه يعود بهذه الشراسة»، مشيرا إلى أن خطورة ذلك تزيد على الأطباء أنفسهم الذين يقومون بالتعامل مع الحالات بأيديهم، كما لا تضم مستشفى الأحرار لا تضم سوى غرفة عزل ذات سرير واحد فقط، ورغم ذلك فالضغط عليها كبير كما يقول الأطباء والذين اعتبروا أن توقف أجهزة التنفس بمستشفى الصدر والحميات تمثل ضغطا على المستشفى العام، رغم أن الأخيرتين هما المسؤولتين عن احتواء مرضى هذا الفيروس.
تراخى وزارة الصحة فى وقاية الأطباء لا يقتصر على عدم توفير أدوات الوقاية إلا مؤخرا، بل يضاف إليه عدم إجراء أية تحليلات للأطباء أنفسهم، وأوضح عدد من الأطباء بمستشفى الأحرار إجراءها على نفقتهم الخاصة.
الأمر السابق يدلل عليه حالة دكتور أحمد الشوادفى، الطبيب بقسم القلب بالأحرار، فوفقا لدكتور إسلام السيد، النائب بالباطنة كان الشوادفى منتدبا فى وادى النطرون، وبعدما عاد إلى مستشفى الأحرار ظهرت عليه أعراض الفيروس فانتقل إلى مستشفى التيسير الخاص حتى أكدت التحاليل إصابته فنقلته وزارة الصحة إلى عناية شريف مختار بقصر العينى.
المستشفيات الخاصة تمتنع عن استقبال أى حالات اشتباه بالفيروس
عقب الإعلان عن إصابة الدكتور الشوادفى، والذى كان محتجزا فى مستشفى التيسير، امتنعت المستشفى وباقى المستشفيات الخاصة بالمحافظة عن استقبال أية حالات مشتبه فيها، وذلك لعدم استعداد أى منها للتعامل مع مرضى الفيروسات، خصوصا أن العناية المركزة بأغلب المستشفيات الخاصة لا تملك إمكانيات لعزل المرضى.
دكتور أحمد عبدالباسط، النائب الإدارى بمستشفى التيسير، أوضح أن تعليمات وزارة الصحة لكل المستشفيات الخاصة هى تحويلها إلى مستشفى الصدر لعدم جهازية المستشفى لذلك لمجرد الاشتباه فيها من أعراض البرد العادية أو نزلات أو الالتهاب الرئوى الحاد أو ارتفاع درجة الحرارة، وذلك منذ بداية شيوع الأنباء عن ظهور الفيروس فى المحافظة.
جهاز التنفس الصناعى بمستشفى الصدر «متوقف»
فى مستشفى الصدر الحكومية بالمحافظة أكد عدد من الأطباء أن وزارة الصحة مدت المستشفى بالأمصال اللازمة، فور ظهور حالات بالمحافظة، وأن جميع الأطباء قد حصلوا على التطعيم اللازم، فى حين فضلت الطبيبات الحوامل أخذ إجازات لمدد محددة، لخطورة التطعيم على حملهن، خاصة بعد وفاة امرأة حامل بالمحافظة، لم يتعد عمرها الـ22 عاما، بسبب إصابتها بمرض أنفلونزا الخنازير، وصعوبة إنقاذها، بسبب نقص المناعة الذى يصيب المرأة الحامل بوجه عام.
وبرغم شفاء حالتين من مرض أنفلونزا الخنازير بالمستشفى، وضمها لأطباء أصحاب خبرة واسعة فى مجال الأمراض الصدرية، فإن حديثا هامسا يجرى حول توقف عمل أجهزة التنفس الصناعى بالمستشفى منذ فترة، وهو ما يصعب من علاج الحالات المصابة بأنفلونزا الخنازير، التى تحتاج فى مراحل متأخرة، إلى الوضع على جهاز التنفس الصناعى.
دكتور إسماعيل الجناينى، نائب مدير مستشفى الصدر، أكد أن المستشفى محتجز به 4 حالات حرجة، فى حين تم شفاء حالتين تماما من المرض، مضيفا أن الحالات التى لا تستوجب الحجز، يتم إرسالها إلى البيت، مع إعطائها الإرشادات اللازمة للعلاج، وعدم مخالطتها للأفراد المقيمين فى نفس المنزل، مضيفا أن الوعى بالمرض يعد خطوة هامة فى العلاج، خاصة أن عددا من الحالات لا تعرف شيئا عن طرق الوقاية بالمرض.
وكشف دكتور الجناينى أن تحليل عينة المسح الخاصة بمن يشتبه إصابتهم بأنفلونزا الخنازير، والتى ترسل من المستشفى ليتم تحليلها فى معامل وزارة الصحة، تحتاج إلى ما يقرب من 72 ساعة، حتى يتم الكشف عن نتائجها، والمستشفى لا تملك بديلا عن ذلك، مثله مثل المستشفيات بمحافظات الدلتا على مستوى الجمهورية، حيث تحتاج إلى إنشاء معامل خاصة للكشف عن فيروس أنفلونزا الخنازير إلى إمكانيات كبيرة، وتكلفة باهظة لا تتحملها تلك المستشفيات.
نافيا ما يشاع عن توقف جهاز التنفس الصناعى بالمستشفى، مؤكدا أن عدد الأطباء فى المستشفى يحتاج إلى الزيادة، فى ظل عودة ظهور فيروس أنفلونزا الخنازير، الذى من المتوقع أن ينحصر فور انتهاء فصل الشتاء.
نفس الأمر أكده دكتور سيد عبيد، وكيل إدارة الطب البيطرى بمحافظة الشرقية، الذى أكد أن أنفلونزا الخنازير بات مرضا متوطنا فى مصر، وأنها باتت مصاحبة للأنفلونزا الموسمية، بمعنى أن إمكانية ظهور الحالات بالمنطقة كل شتاء واردة، سواء خالط الإنسان منطقة قريبة من حظائر الخنازير أو لا، مضيفا أن حالة أنفلونزا الخنازير، باتت خارج مسؤولية إدارة الطب البيطرى بالمحافظة، حيث إن المحافظة تخلو من حظائر الخنازير منذ عام 2010.