أمين شرطة إمبابة.. مريض نفسى أم ذئب بشرى؟!
المرأة الجديدة : بعد ثورة يناير تم تصدير صورة أن الثوار والحقوقيين ممولون وعملاء
عاطف حافظ : لابد من التدريب المستمر لأمناء الشرطة لأن أغلبهم قادمون من خلفيات تعليمية متدنية
ميرفت التلاوي: اعتداء أمين الشرطة على الفتاة المعاقة حادثة فردية لاتنسحب على الضباط الشرفاء
لم نكن لنتوقع بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير- التى قامت من أجل هدم معبد الظلم والطغيان على مبارك وأعوانه- أن يصل الأمر إلى هذا الحد من تبجح الشرطة وتمكنها من رقاب الشعب.
مرة أخرى بعد ثلاثين عاما من مستنقع الدولة البوليسية يظهر “حاتم” جديد لكنه فى هذه المرة لم يكن تنبؤًا بثورة شعب فى فيلم “هى فوضى” لكنه هذه المرة يظهر بصورته الحقيقية بلا رتوش سينمائية أو تجميل صورة أو تدخل مونتاج لحذف أو إضافة.
إن بطل قصتنا هذه المرة أمين قسم شرطة إمبابة، أو إن شئت فقل “حاتم” number2، فكما قام حاتم بالاعتداء الجنسى على فتاة رفضت الزواج منه، أعلن توحشه هذه المرة ليقوم بالاعتداء الجنسي على فتاة محتجزة بالقسم، كادت أن تختطف خارج القسم من أحد بلطجية التوك توك.
لقد اعتقدت أن الأمان ينتظرها داخل القسم الذي من المفترض أنه في خدمة الشعب، لتجد نفسها بين براثن ذئب بشري بالبدلة الميري يفتك بها داخل محراب القسم غير المقدس.
“البديل” رصدت ردود أفعال المنظمات النسوية ورؤيتها لمزيد من إجراءات الحماية التي يجب أن توفرها للفتيات المحتجزات:
تقول لمياء لطفي -عضو مؤسسة المرأة الجديدة- :”مشكلات العنف ضد المرأة باتت متشابكة جدا، وأصبحنا نسجل يوميا حالات تحرش جنسي واغتصاب من ضباط وأفراد أمن لنساء أصحاء ومعاقات.
وأضافت”حالة الفتاة المعاقة ليست الأولى من نوعها، فالداخلية اعتادت ممارسة هذه الأفعال مع النساء قبل الثورة ولم يتغير الوضع عن سابقه، مشيرة إلى أن الشرطة المصرية أول من اخترعت اتخاذ النساء كرهائن لإجبار المتهمين في قضية ما على التسليم ، فكان يتم احتجاز الأم أوالزوجة أو الابنة لحين تسليم المتهم نفسه، ومن ثم تحولنا إلى دولة البلطجة لا دولة قانون.
وأكدت لطفي أن الانتهاك الجنسي داخل الأقسام ممنهج، فالنساء يتعرضن لعقاب جنسي لانهن نساء في المقام الأول وهو أبشع أنواع العقاب، قائلة:”بعد أن كانت المطالب بعد ثورة يناير إعادة هيكلة الداخلية يتم الآن تصدير صورة أن الثوار والحقوقيين ممولون وعملاء، وأن الدولة تحارب الإرهاب ومن لا يقف مساندا لها في محاربة الإرهاب فهو خائن يريد هدم الوطن …!!
وشددت على أن حادثة الاعتداء على الفتاة المعاقة بقسم إمبابة تفتح ملف دور المجالس القومية المتخصصة، وعلى رأسها المجلس القومي للإعاقة الذي لم يخرج بيانا لإدانة الواقعة، قائلة:”إذا كان تأسيس المجلس مجرد واجهة جميلة، لإظهار مصر، بأنها تهتم بالمعاقين، فلابد من غلقه.
وأشارت إلى أن المجلس القومي لشئون الإعاقة يجب أن تكون لديه برامج واضحة لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة بمرجعية الاتفاقية الدولية التي وقعت عليها مصر، ولابد من وجود خطة حقيقية لدمج المعاقين في مشروعات التنمية والبناء بالمجتمع، وألا يتم تركهم مشاعا للانتهاكات والاعتداءات الجنسية في أقسام الاحتجاز.
وطالبت لطفي بضرورة سن تشريعات تحمي المواطن من بطش الداخلية، وتكون قادرة على تقديم المخطئ للمحاسبة والعقاب، وألا يتم الاكتفاء بنقل الضابط أو أمين الشرطة المتهم في قضية تعذيب أو اعتداء إلى خدمة جديدة، بل يجب فصله من الوزارة على الفور.
فيما أوضح عاطف حافظ – رئيس منظمة الشرق الأوسط للتنمية وحقوق الإنسان – أن الواقعة تمثل انتهاكا شديدا لحقوق الإنسان، وهناك العشرات من الحالات التي لا نعرف عنها شيئا، مؤكدا أن النيابة تتحمل مسئولية كبيرة من التقصير والإهمال في الكشف عن هذه الحوادث، فمن حق النيابة وفق قانون الإجراءات الجنائية القيام بإجراء تفتيش فجائي على أماكن الاحتجاز كأقسام الشرطة دون إذن مسبق، وأن تقوم بمقارنة بيانات الملفات والسجلات مع أعداد المحتجزين.
وأضاف حافظ أن النيابة لابد من أن تمارس دورها كصوت للشعب في الرقابة والمتابعة إلى أن توافق الدولة على التوقيع على بروتوكول مناهضة التعذيب الذي يسمح لمنظمات المجتمع المدني بالتفتيش على أماكن الاحتجاز.
من جانبه حذر حافظ من المخالفات المنتشرة التي يرتكبها أمناء الشرطة، مشيرا إلى أن أغلب الأزمات التي تقع فيها الداخلية يكون وراءها تجاوزات، بدءا من أزمة خالد سعيد الذي ارتكبها اثنان من المخبرين ثم أمناء شرطة قسم الخانكة الذين مثلوا بجثه مسجل خطر، وصولا إلى حادثة الاعتداء على فتاة معاقة ذهنيا بقسم إمبابة.
ولفت إلى ضرورة الاهتمام والتدريب المستمر لأمناء الشرطة لأن أغلبهم قادمون من خلفيات تعليمية متدنية، ومن تعليم متوسط أو أقل من متوسط ليقضوا أشهر في معهد أمناء الشرطة، ثم يمنحوا صلاحيات وسلطات واسعة من ضبطية قضائية وسلاح، ومن ثم يخلق لدينا أمين شرطة صاحب نفوذ غاشم يستغله كما يريد.
وطالب بأهمية التقييم النفسي المستمر لأفراد الشرطة سواء ضباط أو أمناء أو أفراد شرطة، وهو يحدث في كل دول العالم التي تحترم حقوق الإنسان، فالتمثيل بجثة متهم تعكس عن شخصيات مريضة نفسيا تتلذذ باستخدام العنف، وتحتاج إلى علاجها لأنها خطر على نفسها وعلى المجتمع في نفس الوقت.
من جانبها أعربت السفيرة ميرفت التلاوي – رئيس المجلس القومي للمرأة – عن إدانتها لواقعة الاعتداء الجنسي على الفتاة المعاقة مشيرة أن المجلس لن يتأخر عن تقديم الدعم النفسي والقانوني للفتاة ، خاصة في ضوء البروتوكول الذي وقعه المجلس مع المجلس القومي لشئون الإعاقة.
وأكدت التلاوي أن واقعة الاعتداء فردية ولاتنسحب على باقي ضباط الشرطة الشرفاء الذين يدافعون عن الوطن ويتعرضون يوميا للاغتيالات والتفجيرات الإرهابية.
وأكدت أن الجهاز تغيرت عقيدته الأمنية بعد ثورتي يناير و30 يونيو الذي أعاد الالتحام بين الشعب والشرطة من جديد، مشيرة إلى أن قطاع حقوق الإنسان التابع للوزارة والذي وقع المجلس معه بروتوكول لمناهضة جرائم العنف ضد المرأة لديه رؤية واضحة لمكافحة كافة أشكال العنف والانتهاكات ضد المواطن أيا كان رجلا أو امرأة.
وشددت رئيس المجلس القومي للمرأة على أهمية الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة في مصر خاصة بعد أن منحهم الدستور مواد تعترف بحقوقهم، وتمكنهم اقتصاديا وأن يكون لهم نصيب من الوظائف.
بينما استنكرت انتصار السعيد – رئيس مركز القاهرة للتنمية وحقوق الانسان – احتجاز الفتاة المعاقة منذ البداية في قسم شرطة إمبابة ، مشيرة إلى أنه لا يجوز احتجازها مع الجنائيات، فقرار حجزها خطأ من البداية، وكان يجب أن يتم وضعها بأحد دور الرعاية الخاصة.
كما أفادت بأن الواقعة تفتح ملف مراجعة أقسام الاحتجاز والتأكد من مدى آدميتها وملاءمتها لحجز المتهمات، بالإضافة إلى أهمية انتشار كاميرات المراقبة في جميع أرجاء القسم للكشف عن أي تجاوز وانتهاك يصدر من أفراد الأمن ضد المحتجزين.