مرحبا بك يا زائر نحن سعيدون جدا بتشريفك منتدانااملين الا تتردد فى انضمامك الينا ودعوة اصدقائك للتسجيل والمشاركه معناواهلا بك بيننا فى صرحنا المتواضع

الإنسان روح تتقلب في الأجساد حتى يأتي المعاد

بين يدي خمسة كتب عربية مختلفة المصدر والتاريخ والتأليف ،ولكنها تتناول موضوعا واحدا مثيرا للجدل هو الحياة بعد الموت وهل هي حقيقة ام ضرب من الخيال ..؟
ثم أين يذهب الموتى ، جسدا وروحا ،وإذا كان الجسد يدفن تحت التراب ويتحلل فيه ،فأين تذهب الروح ..؟،وماذا عن النفس أيضا ، وهل عالم ما بعد الموت أكثر جمالا ومتعة من الحياة الدنيا، وما هي الأسباب التي تجعل الروح تغادر الجسد؟
آخر هذه الكتب التي صدرت عن دار رياض الريس في بيروت خلال الشهر الماضي للباحث اللبناني نايف زهر الدين ،وهو يحاول بكل ما أوتي من خبرة في البحث ،ومعرفة بتقلبات الحياة – لا سيما انه اليوم في الثمانين من العمر – ان يقدم إلينا وصفته الخالصة عن الحياة بعد الموت ،من خلال الكثير من الآراء والأفكار والحقائق التي وردت في الدين الإسلامي ،والمذهب الدرزي تحديدا ،والديانات الأخرى القديمة عند المصريين،والدين المسيحي ،وأيضا آراء عدد من الفلاسفة والمفكرين والأدباء من عصور مختلفة ،وتقوم فكرة الكتاب على ان الجسد مجرد قميص للروح ، أو لنقل عربة تمتطيها الروح طيلة حياة الانسان المقدرة له من الخالق ،وأنه في حالة عدم صلاحية هذا الجسد لبقاء الروح فيه سواء بالكبر أو المرض او القتل ، تخرج الروح إلى عالم البرزخ ،ويتحلل الجسد إلى عناصره المكون منها ،ويرى الباحث أن الروح تحل فورا في جسد طفل آخر ساعة الولادة ليعاود حياة اخرى ،وأنه قد تبقى آلاف السنين تتقلب من جسد إلى جسد حتى تنضج روحيا وتصبح خيرة تماما، وهنا لا تعود إلى الأرض بل تلتحق بالأرواح الطيبة في الأعالي ، وهذه العقيدة أي ما يدعى التقمص تعتبر من الأركان الأساسية في المذهب الدرزي ،وهو مذهب الموحدين لجماعة من المسلمين ظهروا خلال الدولة الفاطمية على يد الحاكم بأمر الله ، وظلوا إلى فترة قريبة يعتبرون فكرة التقمص اي الانتقال من قميص جسد إلى آخر، أمرا سريا لا يجوز البوح به، ولكن الكاتب زهر الدين يرى بأن هناك الكثير من المسلمين والمسحيين والبوذيين والهندوس وبعض أتباع الديانات الأخرى يؤمنون إيمانا راسخا بانتقال الأرواح إلى أجساد جديدة ، وبدء دورة حياة أخرى على الأرض وصولا إلى حالة الارتقاء الروحي النوراني ،وبالتالي لم يعد ثمة داع لإخفاء هذا الاعتقاد .
شخصيات اعترفت بالتقمص
الكتاب مليىء بالقصص ،وأقوال المفكرين ،والآيات والأحاديث والحكايات الشعبية المثبة او المتوارثة عن أناس ماتوا ثم عادوا في أجساد أخرى ،وفي العادة يسمى الشخص الذي يتحدث عن ماضيه بأنه نطق ،وربما يكون الميت ينتمي إلى حضارة أخرى فقد تظهر روح هندية في جسد عربي ،او انجليزية في جسد ياباني ، وقد يقتصر التقمص على بعض العائلات ،وقد تظهر الروح بعد سنوات طويلة ،ويرى الكاتب ان شخصيات عبقرية مثل موزارت او بتهوفن مثلا الذين بدآ العزف بشكل مبكر دون تعليم مسبق هو بسبب الروح الحالة بهما ، أي قد ينجز المرء أشياء مذهلة في العلوم او الآداب بدون خبرات سابقة فقط بسبب خبرات الروح التي تقمصت الجسد، وهي تأتي لتكمل ما انجزته من قبل أو ربما عقابا لها على ما اقترفته في حياة سابقة، وهذا ما يدعى الكارما كنوع من العقاب الرباني للأعمال السابقة او مكافأة لها .
من بين الأشخاص الذين شهدوا على حالات التقمص أو اقتنعوا بها يورد الكاتب اسماء عدد كبير من الأدباء والفلاسفة عبرالتاريخ مثل أفلاطون وارسطو وفيتاغورس وسقراط واخوان الصفا ,ومن الزمن الحاضر الشاعر عمر ابو ريشة ، والمفكر كمال جنبلاط ، والأديب ميخائيل نعيمة ،وهذا الأخير يقول في إحدى كتبه إن عقيدة تكرار الاختبار بتكرار الأعمار ، بغية المعرفة الكاملة باتت الركيزة الكبرى التي تقوم عليها فلسفة حياتي ،وبالطبع لا نبغي هنا أن نعطي رأيا قاطعا في المسألة ،وإنما نعرض الأفكار للنقاش ،أو مجرد طرح الأسئلة ، وقد يقول قائل : هل جاء في الدين الاسلامي ما يثبت او ينفي فكرة التقمص ، ويرد الكاتب هنا بمجموعة من الآيات من القرآن التي أشارت بشكل غير مباشر للتقمص ،فقصة العزير الذي أماته الله مائة عام ثم أحياه أحد الأدلة ،وهناك بعض الآيات التي قد يستشف منها الدليل على العودة المتكررة للروح يورد منها وكنتم امواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ، يخلقكم في بطون امهاتكم خلقا من بعد خلق ..!
إلى أين تذهب الأرواح إذن ؟
نسخ الأرواح إذن على رأي الكاتب أو التناسخ هو عملية العودة إلى الأرض مرة أخرى في قميص جديد أي جسد مولود صغير ، وهناك المسخ وهو حلول الروح في أجساد الحيوانات ،وبعض بني اسرائيل عذبهم الله بأن جعلهم قردة وخنازير أي مسخهم ،ولا يؤمن الكاتب بأن ارواح البشر قد تمسخ ،ولا تفسخ ،والفسخ مصطلح للدلالة على حلول الروح في الجماد مثل الحجارة وغيرها ، وعلى أية حال فإن مثل هذه المقاربات صعبة الإثبات ،وبالطبع سيتساءل بعضكم بأن الموت هو نهاية كل حي ،وان الأموات لا يعودون بل يذهبون إلى عالم الغيب، والنفوس المطمئنة ترجع إلى بارئها يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ،والبعض يرى بأن الروح تعود إلى الجسد نفسه وتعذب في القبر حتى يوم القيامة ،وهناك من يرى بأن الروح خالدة ،والجسد فان ،وأن النفس هي التي تعذب ، وثمة مقاربات تقول بأنه لم يرد في القرآن أي إشارة إلى موت الروح ،بل إلى وفاة النفس ،ولعل هذه الأسئلة تطرح المزيد من الأسئلة عن طبيعة الانسان ،وتركيبه المادي والجسدي والروحي ،وهل هناك تعارض فعلي يطيح بإيمان المسلم إن قبل فكرة التقمص واقتنع بها ؟
وإذا كان التقمص صحيحا تماما فأي نسخة نحن الآن ، هل عمر الواحد منا في جسده اربعين عاما مثلا وعمره الروحي آلاف السنين ؟
ولماذا لا يتعرف الجسد على خبرات روحه السابقة غالبا؟
(يمكن للراغبين في الاستزادة مشاهدة فيلم ميترحسن بثلاثيته المشوقة مثلا التي تناولت هذا الموضوع..)
لقد شغل الموت القدماء كثيرا، واهتم الفراعنة بعودة الميت، وأبقوا له الطعام والنقود ، ظانين انه سيرجع ليحل في جسده ،واهتموا كثيرا بالتحنيط لحفظ الجسد آلاف السنين ، وظل سؤال الموت محيرا ، تتعدد الإجابات عنه ،ولكن لا طمأنينة كاملة بشأنه،ولهذا فإن الدعوة قائمة اليوم لكل العارفين والروحانين والعلماء أيضا ليدلوا بدلوهم في هذا الموضوع الشائك الشائق،وربما البحث في مسألة تكوين الإنسان ،وبعض حالات الاتصال التي تمت بين الأحياء والأموات من قديم الزمان ، وفوق كل ذي علم عليم …!