الاكتئاب يعتبر الاكتئاب
من الأمراض المصاحبة لتقدم الحضارة وتسارع الحياة
المصاحب لها ، فهو معلم من معالمها،
يصاب به الجميع رجالا ونساء، ولا يستثني أحدا.
وقد أظهرت تقارير
منظمة الصحة العالمية في دراساتها حول مرض الاكتئاب في العالم أن هنالك على
الأقل أكثر من 100 مليون شخص حول
العالم يعانون من اضطرابات المزاج
والاكتئاب.
وهو مرض شائع
فى جميع المجتمعات وخاصة الصناعية منها، وأن نسبة الإصابة به هي 20:1 من كل
شخص في المجتمع إلا أنه يصيب النساء بنسبة أعلى من الرجال تصل إلى 1:2.
وللإطلالة على
أهم الجوانب في هذا الموضوع نبدأ بتعريف الاكتئاب:
تعريف الاكتئاب :
الاكتئاب مرض نفسي مزمن وشامل، يؤثر على جسم الإنسان ومزاجه
وأفكاره، ويعتبر من المشاكل الصحية الرئيسية في المجتمعات الحديثة،
وأحيانا لا يتناسب مع أي مؤثر خارجي يتعرض له المريض.
ومن أهم أعراض هذا
المرض :
شعور المريض بالحزن الشديد، والفراغ والملل والوحدة وعدم
القيمة، وكثيرا ما تنتاب الأشخاص المصابون بالاكتئاب حالات من الزهد وعدم
الشعور بمتعة الحياة، ويصاحبه تعكر في المزاج،
لكن هذه المشاعر لا
تعيق الإنسان عن المضي في حياته الطبيعية، لكنه يصعبها فقط ويجعلها تبدو
أقل قيمة.
أسباب الاكتئاب :
هناك عوامل مباشرة تسبب الاكتئاب .وهناك عوامل تحفز حدوثه لدى المصاب، فتتداخل العوامل مع
بعضها مؤدية للإصابة، ومن أهم هذه
الأسباب والعوامل:
اختلال التركيب الكيميائي في مخ
المريض:
أي تختل نسب النواقل العصبية
( النورإبينيفرين، والسيراتونين، والجابا )، ومن الطبيعي أن
تختلف نسب النواقل العصبية في مخ الإنسان الطبيعي من وقت لآخر، فهي تختلف
في وقت الحزن والكرب عنها في وقت الخوف، أو وقت الفرح والسرور، لكن هذه
الاختلافات تعتبر طارئة وغير دائمة .
أما مريض الاكتئاب فإنه يعاني من اختلالات وتذبذبات دائمة
في نسب النواقل العصبية الموجودة في المخ.
الظروف البيئية
والاجتماعية المحيطة بالمريض:
مثل حالات وفاة الأعزاء أو الشعور بالوحدة أو المعاناة من
أمراض
مزمنة ..، فهذه تعتبر مجرد محفزات لحدوث حالة الاكتئاب لدى
المريض وليست مسببات أساسية للمرض، بدليل أنه بعد زوال هذه العوامل تزول
حالة الاكتئاب لدى المريض.
العامل الوراثي:
وجد أن نسبة حدوث مرض الاكتئاب تزداد عند التوائم المتطابقة
( التوائم
التي تنتج من تلقيح حيوان منوي واحد لبويضة واحدة ) بحيث
تصل هذه النسبة إلى حوالي 70% وكذلك تبلغ نسبة الإصابة بين الأقارب من
الدرجة الأولى حوالي 20% .
العوامل الهرمونية
وأمراض الغدد الصماء:
قد تساهم في حدوث مرض الاكتئاب وخاصة تلك الاضطرابات التي
تصيب الغدة النخامية.
ولمرض الاكتئاب أنواع
عدة أهمها:
1. الاكتئاب الشديد.
2. الاكتئاب ثنائي القطب.
أولا: الاكتئاب
الشديد:
يصيب هذا النوع جميع الأعمار، إلا أن الإصابة به تزداد عند
الأشخاص ما بين عمر 25-44 سنة، كما أنه قد يحدث بشكل كبير عند كبار السن في
مرحلة الشيخوخة وخاصة هؤلاء الذين يعيشون في مراكز العناية بالمسنين.
وتتميز أعراض هذا النوع بأنها
تزداد في فترة الصباح وتقل تدريجيا أثناء
اليوم، والنوبات الشديدة من الاكتئاب من الممكن أن تحدث مرة
أو مرتين أو عدة مرات فى حياة المريض،
وتتلخص أعراض هذا
الاكتئاب بما يلي:
• تعكر المزاج.
• عدم القدرة على الاستمتاع بمباهج الحياة.
• فقدان الشهية وخسارة الوزن.
• الأرق أو النوم الزائد.
• الشعور بالضيق.
• الشعور بالتعب والإرهاق بشكل دائم.
• الشعور بالذنب.
• انحسنار النفس وهبوط الروح المعنوية.
• تدني القدرة على التفكير والتركيز.
• تكرر فكرة الموت والانتحار عند المريض.
• محاولة الانتحار.
ويعتبر الشخص مصابا بالاكتئاب إذا توفرت خمسة أعراض أو أكثر
من الأعراض السابقة الذكر.
ثانيا : الاكتئاب
ثنائي القطب:
نوع من أنواع الاكتئاب الذي يتميز بحالات من الاكتئاب
والانشراح
(الهوس)، التي تصيب المريض بشكل دوري، ولوحظ أن العامل
الوراثي يساهم في حدوث ما نسبته 80-90% من حالات هذا المرض.
وقد تم تفسير حدوث حالات الاكتئاب والانشراح لدى المريض
بشكل متتابع بتذبذب النواقل العصبية وخاصة النورإبينيفرين في جهاز المريض
العصبي، وقد يكون التغير أو التقلب في مزاج مريض الاكتئاب ثنائي القطب
سريعا وحادا،ولكنه في الغالب يكون بصورة متدرجة .
بالإضافة إلى العوامل الوراثية المذكورة وتأثيرها، هنالك
عوامل أخرى قد
تساهم في الإصابة بهذا الاضطراب مثل الاضطرابات الهرمونية
في الغدد
الصماء، خاصة الغدة النخامية واضطرابات الغدة الدرقية،
وكذلك الإصابات الدماغية خاصة حوادث الطرق وإصابات الرأس.
وقد ذكرنا الأعراض التي يمر بها المريض
خلال فترات الاكتئاب،
أما أعراض فترات
الانشراح والهوس فتتمثل فيما يلي:
1. شعور المريض بالعظمة والثقة الزائدة بالنفس.
2. الأرق وتدني القدرةعلى النوم.
3. التحدث بتكبر وتعال.
4. تشوش وتشتت الأفكار.
5. الحركة الزائدة.
6. التورط ببعض النشاطات الخطرة.
كيف يمكن للمصاب
أن يساعد نفسه للخروج من حالة الاكتئاب؟
هنالك العديد من التدابير والأمور التي
يمكن للمريض أن يقوم بها خلال ممارسته لنشاطاته اليومية والتي من شأنها أن
تقلل من حالة الاكتئاب لديه، ومن أهم هذه التدابير ما
يلي:
1. معالجة المشاكل والضغوطات اليومية
التي يعاني منها المريض أولا بأول، وعدم تركها تتراكم بحيث يصعب حلها في
نهاية الأمر.
2. الاسترخاء والابتعاد عن المشاعر السلبية التي من شأنها
أن تضر بحالة المريض مثل مشاعر الغضب والغيرة والتوتر.
3. تعلم لغة الحوار والتحدث مع الأصدقاء وطلب دعمهم.
4. ممارسة أسلوب الحياة الصحي الذي يتضمن تناول طعام صحي
متوازن وممارسة الرياضة وتجنب التدخين.
5. القيام بالنشاطات الترفيهية المفيدة التي من شأنها أن
ترفع الروح
المعنوية لدى المريض مثل القراءة والقيام بالرحلات والسفر
والابتعاد عن
الضوضاء وممارسة الرياضة.
6. مواجهة أمور الحياة بجدية وعقلانية ومنطقية، فيجب أن
يعلم الإنسان
ما يستطيع القيام به وما لا يستطيع القيام به فيجعل أهدافه
منطقية حتى لا يصاب بالإحباط في حال عدم تمكنه من تحقيقها.
طرق علاج الاكتئاب :
علاج الاكتئاب
الشديد:
من المهم جداً أن يباشر بعلاج مريض الاكتئاب في بداية ظهور
أعراض
الاكتئاب لديه، بشكل مستمر ومتتال، وهنالك العديد من الطرق
والوسائل
المستخدمة حتى يستطيع مريض الاكتئاب التخلص من حالة
الاكتئاب التي يعاني منها.
وتتضمن أساليب علاج
الاكتئاب الشديد: العلاج النفسي، والعلاجبالعقاقير المضادة للاكتئاب، وفي بعض الأحيان قد يضطر
الطبيب لاستخدام العلاج بالصدمات الكهربائية.1. الاستشارة النفسية: وتتضمن
هذه الطريقة الحوار معشخص موثوق ومختص كطبيب الأمراض النفسية عن الأمور النفسية
التي يعاني منها المريض بهدف إيجاد الحلول للمشاكل التي يعاني منها المريض.2. استخدام العقاقير المضادة
للاكتئاب: ولا يجوز أنيتناول المريض هذه العقاقير إلا بوصفة من طبيبه المختص،
ومضادات الاكتئاب هي أكثر طرق العلاج الطبي انتشارا، وهي تؤثر في النواقل
الكيميائية الموجودة في دماغ المريض ولكنها لا تعالج الاكتئاب بشكل جذري
إنما تعمل على التخفيف من أعراض الاكتئاب لدى المريض.وقد ثبت أن العلاج بالعقاقير فعال فيما نسبته 40%-70% من
حالات الإصابة بالاكتئاب.3. الإيواء في المستشفى: بشكل
عام فإن الغالبية العظمى من مرضى الاكتئاب لا يحتاجون لدخول المستشفى ولكن
بعضهم يحتاج دخولها مثل المرضى ذوي الميول الانتحارية لخطورتهم على
أنفسهم.كما قد يضطر الطبيب إلى إدخال بعض مرضى الاكتئاب للمستشفى
وخاصة في حالات علاج المرضى الذين يعانون من اضطراب بالوجدان ثنائي القطب،
حيث يعتمد العلاج على طبيعة المرض، ففي حالات الهوس يدخل المريض للمستشفى
حيث يعالج بالأدوية المضادة للذهان، ولا يجوز إيقاف تناول هذه الأدوية إلا
بأمر الطبيب حتى ولو لوحظ تحسن في حالة المريض.4. دعم المجتمع المحيط: هنا
يأتي دور المجتمع المحيط من أقارب وأصدقاء، بتوفير جو يسوده الاستقرار
والمحبة، وإظهار مشاعرالود للمريض، ومساعدته في الوصول إلى الخطوات الواجب
اتخاذها للتعامل مع حالة الاكتئاب. 5. العلاج بالصدمات الكهربائية :
هذا العلاج يعطى عادة فقط للمصابين باكتئاب حاد ولم يستجيبوا للعلاج
بالعقاقير، وهوعلاج مثير للجدل وقد يكون له أثار جانبية حادة مثل فقدان
الذاكرة.وعودا على بدء نذكر مريض الاكتئاب بأهمية لجوئه إلى خالقه
سبحانهوتعالى، وأن يعي تماما أن ما أصابه لم يكن ليخطأه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وأن الحزن والتعاسة لا يعيدان
عزيزا ولا يغيران قدرا، بل قد يجلبان غضب الله على هذا الإنسان الساخط. لذلك فليبعد عنه الهواجس والأفكار السلبية المعيقة لتقدمه
في الحياة . فلرب ركعتين خفيفتين تزيلان من الهموم ما
يعجز عنه الطب المادي.