2011/11/23 الساعة 12:45 بتوقيت مكّة المكرّمة
احتشد
الاف المتظاهرين مجددا صباح الاربعاء في ميدان التحرير بقلب القاهرة
للتعبير عن اصرارهم على ان يترك الجيش السلطة في اسرع وقت ممكن، وذلك رغم
تعهد رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي بتسليم الحكم
الى رئيس منتخب منتصف العام المقبل.
واضطر رئيس المجلس الاعلى
للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي الى توجيه خطاب الى الشعب لاول مرة
لمواجهة اعنف ازمة سياسية تشهدها البلاد منذ اسقاط نظام الرئيس السابق
حسني مبارك في شباط/فبراير الماضي عقب ثورة شعبية استمرت 18 يوما.
وتصاعدت
الازمة خلال الايام الثلاثة الاخيرة بعد مواجهات بين الشرطة وناشطين شباب
اسفرت منذ السبت الماضي عن سقوط 30 قتيلا وفق حصيلة جديدة مساء الثلاثاء
لوزارة الصحة ومئات من الجرحى اصيب العديد منهم في عيونهم برصاص "خرطوش"
اطلقته قوات الامن من بنادق صيد.
وشهدت عدة محافظات اخرى تظاهرات من بينها خصوصا الاسكندرية والسويس وبور سعيد والاسماعيلية وحتى شرم الشيخ.
واعلن
طنطاوي، في خطابه الذي اذاعه التلفزيون المصري، ان الانتخابات الرئاسية
ستجري قبل نهاية حزيران/يونيو 2012 وعرض اجراء استفتاء شعبي اذا اصر
المتظاهرون على مطلبهم بتسليم الحكم فورا الى سلطة مدنية.
وقال
طنطاوي، انه قرر "الالتزام باجراء الانتخابات البرلمانية في توقيتاتها
والانتهاء من الانتخابات الرئاسية قبل نهاية (حزيران) يونيو المقبل".
ومن المقرر ان تبدأ الاثنين المقبل انتخابات مجلس الشعب التي ستجرى على ثلاث مراحل لتنتهي في كانون الثاني/يناير.
وردا
على مطالب المتظاهرين المستمرة بتسليم الحكم فورا الى سلطة مدنية، قال
طنطاوي "ان القوات المسلحة ممثلة في مجلسها الاعلى لا تطمح في الحكم وانها
على استعداد تام لتسليم المسؤولية فورا اذا اراد الشعب ذلك من خلال استفتاء
الشعب اذا اقتضت الضرورة ذلك".
واضاف طنطاوي انه قبل استقالة حكومة
عصام شرف التي تقدمت بها مساء الاثنين وقرر تكليفها بتسيير الاعمال
الجارية الى حين تشكيل حكومة جديدة "تتمتع بصلاحيات" تمكنها من مواصلة
العمل حتى انتهاء المرحلة الانتقالية.
ونفى طنطاوي انحياز المجلس
الاعلى للقوات المسلحة لاي قوى في المجتمع على حساب قوى اخرى، وقال "أعلنا
مرارا وتكرارا اننا نقف على مسافة واحدة من الجميع، لا ننحاز لطرف على حساب
أطراف أخرى، فنحن القوات المسلحة التي تحمي الشعب دون تصنيف او
انتقاء..ورغم ذلك يتهمنا البعض بالانحياز".
وتابع "أعلنا مرارا وتكرارا أننا اوقفنا إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية إلا في الحالات التي ينطبق عليها قانون القضاء العسكري".
وفي
هذا السياق، اصدر طنطاوي مساء الثلاثاء كذلك قرارا باحالة ملف التحقيقات
مع المتهمين في احداث ماسبيرو من القضاء العسكري الى النيابة العامة.
وكان
25 شخصا، غالبيتهم من الاقباط، قتلوا خلال مواجهات مع الجيش في التاسع من
تشرين الاول/اكتوبر الماضي اثناء تظاهرة احتجاج على هجوم استهدف كنيسة
قبطية في صعيد مصرب.
ولكن المتظاهرين في ميدان التحرير اعتبروا ان هذه القرارات غير كافية.
وقالت
ابتسام الحلواني (50 عاما) التي جاءت مع ابنتها "لا يمكننا ان نثق في ما
يقول. الكرة كانت في ملعب المجلس العسكري لشهور ولم يفعلوا شيئا".
واكد
احمد ممدوح وهو محاسب في الخامسة والثلاثين من عمره ان "طنطاوي هو نسخة
طبق الاصل من مبارك وخطابه مثل خطابات مبارك قبل موقعة الجمل"، في اشارة
الى المواجهات العنيفة التي شهدها ميدان التحرير في الثاني من شباط/فبراير
الماضي قبل سقوط مبارك.
واعتبر الشاب عبد الرحمن ابراهيم الذي ينتمي
الى جماعة الاخوان المسلمين ان "هذا الخطاب مثل خطابات مبارك، طنطاوي يجب
ان يرحل هذا كل ما يجب ان يفعله".
وكان رئيس اركان الجيش المصري
الفريق سامي عنان التقى قبيل ظهر الثلاثاء عددا من ممثلي القوى السياسية،
من بينهم رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الاخوان المسلمين محمد مرسي
وبعض ممثلي الاحزاب الاخرى اضافة الى اثنين من مرشحي الرئاسة هما القيادي
الاسلامي سليم العوا والامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى.
وقال
مصدر عسكري ان الاجتماع الذي دعا اليه المجلس العسكري على عجل مساء
الاثنين لبحث "الازمة المتفاقمة" في البلاد، "ناقش موضوع استقالة حكومة
عصام شرف التي لم يتم البت فيها حتي الان، كما طرح البعض تشكيل حكومة جديدة
برئاسة محمد البرادعي أو عبد المنعم أبو الفتوح، علي أن تضم في تشكيلها
ممثلين لكل التيارات السياسية".
ويحظى البرادعي، الذي سبق ان اعلن
منذ بضعة اشهر عن استعداده للتخلي عن الترشح لرئاسة الجمهورية من اجل ان
يساهم في العبور بالبلاد من المرحلة الانتقالية القلقة التي تعيشها، بشعبية
كبيرة في اوساط الناشطين الشباب المعارضين لاستمرار المجلس العسكري في
السلطة.
وندد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما اعتبره "مجزرة" ارتكبت في ميدان التحرير بالقاهرة.
وقال مساء الثلاثاء في رسالة نشرها على موقع تويتر ان "قنابل غاز ورصاصا حيا استعملت ضد المدنيين في ميدان التحرير، انها مجزرة".
واعلن
الاخوان المسلمون انهم لن يشاركوا في تظاهرة الثلاثاء مؤكدين انهم يريدون
"تهدئة الاحتقان" حتى يتسنى الالتزام بموعد الانتخابات التشريعية التي
يعتقدون ان نتائجها ستصب في صالحهم.
وفي واشنطن، اعلنت الخارجية
الاميركية الثلاثاء انه تم اعتقال ثلاثة اميركيين في مصر "على صلة
بالتظاهرات" من دون ان تدلي بتفاصيل اضافية.وقالت المتحدثة فيكتوريا نولاند
ان الادارة الاميركية لا تملك معلومات يمكن ان توحي بان هؤلاء الاشخاص
ليسوا في مأمن. واضافت "طلبنا ان نتصل بهم وننتظر هذا الامر غدا"، موضحة ان
السفارة الاميركية في القاهرة كانت "على اتصال بالسلطات المصرية طوال
اليوم".
وذكرت وسائل اعلام اميركية خصوصا ان ثلاثة طلاب اميركيين
كانوا في اطار تبادل اكاديمي في الجامعة الاميركية في القاهرة اعتقلوا
الاثنين من بين متظاهرين اخرين في العاصمة المصرية.
من جهة اخرى،
اعرب وزير الجبهة الداخلية الاسرائيلي ماتان فيلنائي الاربعاء عن امله في
ان يتفادى رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية المشير حسين طنطاوي
وقوع مصر في "فوضى عامة".
وقال فيلنائي متحدثا الى الاذاعة العسكرية
الاسرائيلية ان "الوضع (في مصر) مقلق وحساس وغير واضح. وطنطاوي يحاول تجنب
الفوضى ونقل السلطة بشكل منظم ما امكن. نأمل ان ينجح في مسعاه وينبغي ان
يأمل المصريون ذلك ايضا والا ستعم الفوضى ما سيفرض وضعا بالغ السوء على
مصر".
وتابع الوزير الاسرائيلي "نحن على اتصال مستمر معهم (اعضاء
المجلس العسكري) ومع طنطاوي الذي اعرفه واعرف انه ليس لديه نية للبقاء في
السلطة". واضاف "يبدو ان الفوضى الراهنة ستقود في نهاية المطاف الى حصول
الاسلاميين على الاغلبية لانهم منظمون ويحظون بدعم مالي قوي فضلا عن
تواجدهم في كل انحاء مصر -- وهو مبعث القلق الرئيسي بالنسبة لنا".
وردا
على سؤال حول احتمالات ان تلغى معاهدة السلام بين مصر واسرائيل قال
فيلنائي "في الوقت الراهن، واكرر في الوقت الراهن، لا اعتقد ان إلغاء
المعاهدة مطروح، ولكن عندما يستقر الحكم في مصر بعد عملية انتخابية طويلة
يتوقع ان تدوم ستة اشهر، عندها نخشى ان تتعرض تلك المعاهدة للتقويض".