عاد
الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة الإخواني في مصر، إلى
الواجهة مرة أخرى بعد أن اختفى راغبا خلال الفترة الأخيرة لصالح المهندس
خيرت الشاطر، مرشح الجماعة الأساسي للانتخابات الرئاسية، إلا أن قرار
اللجنة العليا للانتخابات، الليلة قبل الماضية، باستبعاد الشاطر من سباق
الرئاسة، وضع مرسي من جديد في دائرة الضوء لينتقل من مقعد الاحتياطي إلى
خوض المعركة الرئاسية.
وعلى طريقة خطط مدربي كرة القدم، دفعت جماعة الإخوان بالشاطر لانتخابات
الرئاسة المقرر عقدها في الـ24 من مايو (أيار)، إلا أن تخوف الجماعة من عدم
استيفاء الشاطر لشروط قانونية تمنعه من الترشح، جعلها تزج برئيس حزبها
السياسي كبديل له، لكن الدكتور مرسي، الذي كان مديرا لحملة الشاطر الدعائية
قبل تصعيده ليكون المرشح الاحتياطي، لم يحاول أحد، حتى من مؤيدي الجماعة،
الترويج لدعمه أو تنظيم حملات دعائية لتأييده وتعريف المواطنين به، ربما
انتظارا للتظلم الذي سيتقدم به الشاطر للجنة الانتخابات الرئاسية اليوم
للفصل فيه خلال الأيام المقبلة، وذلك لحسم مسألة استبعاده من الترشح بشكل
نهائي من عدمه.
وحرصت الجماعة على الاحتفاظ بأكبر قدر من أوراق اللعبة السياسية في
يدها، حيث لم يكن لديها ترف المخاطرة بفقدان منصب الرئيس، وهو ما جعلها
تدفع بمرسي بعد محاولة التعلم من دروس السنة الماضية، فكل ما حصدته الجماعة
من مكاسب سياسية أصبح في مهب الريح.. فقد تفقد الجماعة أغلبيتها
البرلمانية إذا حكمت المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان في الجلسة
المرتقبة للمحكمة يوم الثلاثاء، 24 أبريل (نيسان)، بعد أن فقدت بالفعل
هيمنتها على جمعية تأسيسية الدستور، بحكم قضائي حكم بوقف عمل الجمعية.
وتكسرت رغبتها في تشكيل الحكومة على صخرة اعتراض المجلس العسكري، الحاكم في
البلاد، المستند على أسانيد دستورية في هذه الواقعة.
وقال وليد شلبي، المتحدث باسم الجماعة والمستشار الإعلامي للمرشد، قبل
ساعات من إعلان اللجنة قرارها باستبعاد الشاطر: «نحن جميعا الآن خلف
المهندس خيرت الشاطر ونحاول دعمه بكل الطرق ولا توجد حملة رسمية على ما
أعتقد حتى الآن لدعم وتأييد الدكتور محمد مرسي»، لكن مرسي، وهو وجه غير
معروف على نطاق واسع في الشارع المصري، يجد نفسه، بحسب مراقبين، في موقف
غريب، فبعد أن كان مشرفا على حملة خيرت الشاطر الانتخابية، وهو أمر «قد يضر
به جدا» إذا صدر قرار من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية باستبعاد
الشاطر بشكل نهائي، ودخوله المنافسة رسميا كمرشح للجماعة.
واستبعدت لجنة الانتخابات الشاطر لصدور حكم قضائي من محكمة عسكرية في
عام 2008 بالسجن 7 سنوات، في قضية ما عرف إعلاميا بـ«قضية ميليشيات
الأزهر»، وأطلق سراحه بعفو صحي بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، دون
أن يصدر حكم بالعفو الشامل الذي يعطيه الحق في الترشح في الانتخابات.
وتحسبا لمعاندة القانون للشاطر مرة أخرى في محاولته الأخيرة للترشح رسميا،
حيث تقدم بدعوى للمطالبة بإصدار عفو شامل بحقه تنظرها المحكمة قبل يومين من
إعلان القائمة النهائية للمرشحين للرئاسة، قدم مرسي أوراق ترشحه الرسمية
للجنة العليا في الانتخابات في اليوم الأخير لقبول الأوراق بعد أن أعلن
نائب الرئيس المصري السابق اللواء عمر سليمان، الذي استبعد أيضا، عزمه
للترشح للانتخابات.
وبينما امتلأت ساعات البث التلفزيوني طوال الفترة الماضية بأحاديث
للشاطر حول برنامجه الانتخابي، تحدث مرسي، في آخر حوار تلفزيوني له قبل
ترشح الشاطر، باعتباره مدير حملة ترشيح ودعم الشاطر، إلا أنه لم يتحدث حتى
بعد ترشحه باعتباره مرشحا رئاسيا، وقال مرسي في أحد البرامج التلفزيونية
مؤخرا إن الأمور ما زالت في مرحلة البتّ في أسماء المرشحين للرئاسة بانتظار
القائمة النهائية التي ستعلن يوم 26 أبريل الحالي، وتحدث المرشح البديل عن
محاولات إبعاد الشاطر قائلا إن «الإخوان» ستختار من يمثلها، ولن يستطيع
أحد أن يعيق تقدمها، فلا مجال للتخوف وإن كان «الحرص واجبا».
من جانبه، يرى الدكتور فاروق أبو زيد، العميد الأسبق لكلية الإعلام
بجامعة القاهرة، إن تواري مرسي، الذي عمل رئيسا لقسم علم المواد بكلية
الهندسة، عن الإعلام قد يضر بفرصه بعد استبعاد الشاطر. وقال: «إذا ما أصبح
مرسي مرشح الإخوان فسيكون هناك صعوبة في إدارة حملته الانتخابية في الوقت
القصير الذي سيكون متاحا أمامه». وأضاف أن «فترة الدعاية الرسمية لم تبدأ
إلى الآن إلا أن الإخوان يظنون أنهم بغير حاجة لدعاية انتخابية وأنهم
سيفوزون في الانتخابات بأي شخص باعتباره مرشح الجماعة».
وأثار ترشح مرسي حالات نقاشية ساخرة في معظمها بين رواد مواقع التواصل
الاجتماعي، متداولين رسوما كاريكاتيرية تظهر محمد بديع، المرشد العام
لجماعة الإخوان بمصر، يجلس على كرسي مدرب لكرة القدم آمرا الشاطر بالخروج
من الملعب تمهيدا لنزول مرسي.