رحل عمر سليمان قبل أن يفتح صندوقه الأسود..
"مبارك" استعان بـ"الجنرال" لترميم نظامه قبل الانهيار فى يناير 2011..
أنقذ حياة المخلوع فى أديس أبابا وتعرض لمحاولة اغتيال فاشلة بعد توليه
منصب نائب الرئيس الخميس، 19 يوليو 2012 - 11:58
اللواء عمر سليمان
كتب رامى نوار ورحمة رمضان
لا يعلم أحد الكثير عن اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية
السابق، ورئيس المخابرات العامة المصرية لفترة ليست بالقليلة، فالرجل الذى
رحل عن عالمنا اليوم الخميس، أثناء تلقيه العلاج بمستشفى كليفلاند
بالولايات المتحدة الأمريكية، أتعب الكثيرين فى معرفة ولو معلومات أولية عن
أدواره الحقيقة فى الجمهورية السابقة، فالرجل يخشاه معارضوه، خاصة أنه
يملك "الصندوق الأسود" ويصفونه برجل النظام السابق، ولدى مؤيديه فهو القائد
العسكرى، ورجل المخابرات العبقرى ويصفه مؤيدوه بـ"الجنرال".
المعلومات التى نضعها الآن هى كل ما يمكن أن تجدها فى هذه الفترة، ولد
سليمان فى محافظة قنا جنوب مصر فى 2 يوليو عام 1936، والتحق بالكلية
الحربية فى القاهرة عام 1954 ليبدأ مشواره مع المؤسسة العسكرية المصرية،
تلقى تدريبًا عسكريًا إضافيًا فى أكاديمية "فرونزى" بالاتحاد السوفيتى
السابق، ودرس العلوم السياسية فى مصر فى جامعتى القاهرة وعين شمس، وحصل على
شهادتى ماجستير بالعلوم السياسية والعلوم العسكرية.
ترقى اللواء عمر سليمان فى سلم الوظائف، حتى وصل إلى منصب رئيس فرع التخطيط
العام فى هيئة عمليات القوات المسلحة عام 1992، ثم تولى منصب مدير
المخابرات العسكرية قبل ان يتم تعيينه فى 22 يناير عام 1993 رئيسًا لجهاز
المخابرات العامة المصرية، شارك سليمان فى معظم الحروب المصرية، بدءا من
حرب اليمن عام 1962 والحرب العربية الإسرائيلية عامى 1967 و1973.
لمع اسم سليمان على الساحة عقب توليه الملف الفلسطينى بتكليف من الرئيس
المخلوع مبارك، وقام بعدة مهام مكوكية للتوسط بين الحركات الفلسطينية،
لاسيما الخلاف بين فتح وحماس، كما تولى مهمة الوساطة حول صفقة الإفراج عن
العسكرى الإسرائيلى الأسير لدى حركة حماس جلعاد شاليط والهدنة بين الحركة
وإسرائيل والمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما لعب اللواء عمر
سليمان عدداً من المهمات الدبلوماسية فى عدد من الدول كالسودان وليبيا.
ارتبط سليمان بعلاقة وثيقة خاصة بمبارك، توطدت هذه العلاقة بينهما، إثر
تعرض الرئيس السابق لمحاولة اغتيال فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عام
1995، يومها كان من المقرر أن يستقل الرئيس مبارك عربة عادية، إلا أن عمر
سليمان أصر على إرسال عربة مصفحة من مصر إلى إثيوبيا قبل محاولة الاغتيال
بيوم واحد، ويتمتع سليمان بعلاقات جيدة مع الغرب الذى قدر دوره فى كبح جماح
الحركات الإسلامية الجهادية فى مصر، إبان رئاسته للمخابرات المصرية.
ووجهت تهم لسليمان بالضلوع فى عمليات تعذيب ضد معتقلين يشتبه بانتمائهم
لتنظيم القاعدة، أرسلتهم الولايات المتحدة من أفغانستان إلى مصر، بينما
كانت تظهر بين فترة وأخرى معلومات صحفية تدور حول نية الرئيس محمد حسنى
مبارك بتعيينه نائبًا للرئيس، وهو المنصب الذى كان شاغرًا منذ تولى الرئيس
مبارك للحكم عام 1981، وكثيرًا ما كانت الصحف ودبلوماسيون أجانب يشيرون بأن
سليمان سيكون خليفة الرئيس مبارك بحكم مصر.
قام الرئيس السابق محمد حسنى مبارك بتعيينه نائبًا له وذلك يوم 29 يناير
2011، وقد أتى تعيينه فى اليوم الخامس من اندلاع ثورة تطالب بإسقاط النظام،
والبدء بإصلاحات سياسية واقتصادية، واحتجاجًا على الأوضاع فى مصر، وأدت
إلى وقوع مصادمات بين المتظاهرين والشرطة وأعمال عنف وسرقة، كما أدت إلى
نزول القوات المسلحة للشارع لحفظ الأمن، وقد كلفه مبارك بعد تعيينه مباشرةً
بعمل حوار مع قوى المعارضة يتعلق بالإصلاح الدستورى.
وفى 10 فبراير 2011 أعلن الرئيس المخلوع، عن تفويض اللواء عمر سليمان
بصلاحيات الرئاسة وفق الدستور، إلا أن مبارك أعلن فى اليوم التالى تنحيه عن
السلطة وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإدارة شئون البلاد، حيث قام
بدوره بتسليم السلطة إلى المجلس الأعلى، وانتهت بذلك فترة تولية نيابة
الرئيس.
عقب تعيينه نائبًا للرئيس تعرض سليمان لمحاولة اغتيال فاشلة أسفرت عن مصرع
اثنين من حراسه الشخصيين وسائقه الخاص، وكان مصدر أمنى قد نفى تلك
المحاولة، إلا أنه صدرت لاحقًا تصريحات عن وزير الخارجية أحمد أبو الغيط
تؤكد ذلك.
وبعد خروج نداءات شعبية وجماهيرية تطالب سليمان بالترشح لانتخابات رئاسة
الجمهورية، أعلن يوم 6 أبريل ترشحه لمنصر الرئيس، وذلك قبل يومين من غلق
باب الترشيح، وقد برر تراجعه عن قراره السابق بعدم الترشح، والذى أصدره فى
بيان بتاريخ 4 أبريل، بقوله: "إن النداء الذى وجهتموه لى أمرًا، وأنا جندى
لم أعص أمرًا طوال حياتى، فإذا ما كان هذا الأمر من الشعب المؤمن بوطنه لا
أستطيع إلا أن ألبى هذا النداء، وأشارك فى الترشح، رغم ما أوضحته لكم فى
بيانى السابق من معوقات وصعوبات، وإن نداءكم لى وتوسمكم فى قدرتى هو تكليف
وتشريف ووسام على صدرى، وأعدكم أن أغير موقفى إذا ما استكملت التوكيلات
المطلوبة، مع وعد منى أن أبذل كل ما أستطيع من جهد، معتمدًا على الله وعلى
دعمكم لننجز التغيير المنشود واستكمال أهداف الثورة وتحقيق آمال الشعب
المصرى فى الأمن والاستقرار والرخاء".
وفى يوم السبت 7 أبريل، قام بسحب أوراق ترشحه من اللجنة العليا للانتخابات
التى وصل مقرها وسط حشد من مؤيديه وتعزيزات أمنية مكثفة من قبل عناصر
الشرطة والقوات المسلحة، وفى اليوم التالى، وهو آخر أيام تقديم أوراق
الترشح، قام بتقديم أوراق ترشحه رسميًا وذلك قبل غلق باب التقديم بـ20
دقيقة، إلا أن اللجنة العليا للانتخابات قررت فى 14 أبريل استبعاده، بعدما
استبعدت أكثر من 3 آلاف من نماذج التأييد التى قدمها، ليصبح عددها الإجمالى
46 ألفًا، وهو رقم أكبر من النصاب الرقمى المطلوب المحدد 30 ألفًا، لكن
تبين للجنة أنه جمع هذه النماذج من 14 محافظة فقط، والمطلوب ألف تأييد على
الأقل من 15 محافظة.
حصل سليمان على العديد من الأوسمة والأنواط والميداليات من بينها: "وسام
الجمهورية من الطبقة الثانية، نَوْط الواجب من الطبقة الثانية، ميدالية
الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة، نوط الواجب من الطبقة الأولى، نوط الخدمة
الممتازة".
النهاية كانت صباح اليوم الخميس، توفى اللواء عمر سليمان نائب رئيس
الجمهورية السابق، وذلك بمستشفى كليفلاند بالولايات المتحدة الأمريكية،
أثناء تلقيه العلاج.