تعاون "2+2" تعيد الدفء لعلاقات مصر وروسيا.. السيسى يختار موسكو بأول زيارة خارجية بعد 30 يونيو وقبل أيام من إعلان ترشحه للرئاسة..
الأربعاء، 12 فبراير 2014 - 12:15
المشير عبد الفتاح السيسى
كتب مؤمن مختار
"30 يونيو" كانت نقطة تحول فى العلاقات المصرية الروسية، فالدفء عاد للعلاقات بين البلدين فى أعقاب الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين ورئيسهم المعزول محمد مرسى.. التغيير بدأ حينما بادر الرئيس الروسى فيلادمير بوتين وأعلن دعمه لمصر والقيادة المصرية الجديدة ويرى إنها تستطيع الصمود فى وجه اى عدو كان ومكافحة الإرهاب، وتطورت هذه العلاقات إلى أن زار وزيرى الدفاع والخارجية الروسيين القاهرة فى نوفمبر 2013 ليؤكدا على دعم القيادة الروسية للقيادة المصرية الجديدة ودعم العلاقات المصرية الروسية بكل جوانبها، ومن جانبه، قام وزير الخارجية المصرى نبيل فهمى بزيارة موسكو فى شهر سبتمبر لدفع العلاقات الثنائية بين البلدين.
وللتأكيد على أهمية العلاقات المصرية الروسية وصل وزير الدفاع المصرى المشير "عبد الفتاح السيسى" ووزير الخارجية المصر "نبيل فهمى" صباح اليوم إلى روسيا فى زيارة تستغرق يومين للقاء وزير الخارجية الروسى "سيرجى لافروف" ووزير الدفاع "سيرجى شويجو"، وذلك لبحث سبل التعاون بكافه أشكاله.
ومن جانبها، أكدت الخارجية الروسية فى بيان لها اليوم، أن وزيرا خارجية روسيا ومصر "سيرجى لافروف" و"نبيل فهمى"، ووزير الدفاع الروسى "سيرجى شويجو"، ووزير الدفاع المصرى "عبد الفتاح السيسى"، سيعقدون اجتماعا يوم غد الخميس فى موسكو فى شكل"2+2".
وأوضحت وكالة "إيتار تاس" الروسية للأنباء، أن الاجتماع الأول بين وزراء الدفاع والخارجية فى كل من مصر وروسيا عقد فى 14 نوفمبر 2013 فى القاهرة، وحددت الأطراف أولويات التعاون المتبادل والمنفعة فى مجالات التجارة والمجالات الاقتصادية والعسكرية والفنية العسكرية، مؤكدين على تعزيز الشراكة بين البلدين فى التعامل مع المشاكل الملحة الدولية والإقليمية، مواصلة تطوير وتعميق التعاون المصرى الروسى.
ومن جانبه، كشف مصدر مطلع لليوم السابع، أن زيارة المشير "عبد الفتاح السيسى" إلى روسيا تأتى فى إطار إعادة هيكلة القوات المسلحة المصرية، وإعادة تطوير الأسلحة الدفاعية للجيش المصرى، لافتاً إلى أن النقاش بين السيسى ونظيره الروسى سيرجيو شويجو سيدور على أن الأسلحة السوفيتية مازالت تعمل فى الجيش المصرى بفاعلية كبيرة، كما سيناقش صفقة إمداد بمنظومة الدفاع الجوية "إس 300".
وأكد المصدر، أن المشير سيبحث توريد روسيا لمصر عدد من طائرات الهليكوبتر المقاتلة، وذلك بعد موقف أمريكا من وقف صفقة طائرات الأباتشى، كما يوجد على أجندة المباحثات استلام مصر صواريخ كورنيت المضادة للدبابات وطائرات ميج 29، لافتاً إلى أن السعودية والإمارات يمولان الصفقة كهدية للشعب المصرى بعد ثورة 30 يونيو والنجاح الباهر الذى حققته وأشار المصدر إلى أن وزراء الدفاع والخارجية لمصر وروسيا سيناقشون أبعاد التعاون الاستراتيجى، كما ستقدم روسيا تقريرا عن مباحثات "جنيف 2" لحل الأزمة السورية.
وأوضح المصدر، أنه من المعلوم أن روسيا تتبنى دولياً دعم مقاومة الإرهاب، ومن الجدير بالذكر أن جماعة الإخوان هى من عداد الجماعات الإرهابية طبقا للمحكمة الدستورية بروسيا منذ عام 2003 وهذا يمثل دعم روسيا سياسيا لمصر.
وأكد مصدر فى وكالة صناعة الفضاء الروسية، أنه من المقرر فى الأشهر القليلة القادمة سيتم إطلاق ثلاثة أجهزة روسية الصنع إلى الفضاء وعلى متنها أقمار صناعية لكل من مصر وكازاخستان وهذه الأقمار من صنع روسى ومن المقرر أن يتم إطلاق القمر الصناعى لمصر فى شهر أبريل القادم.
وأضاف المصدر لوكالة "انتر فاكس" الروسية للأنباء، أنه سيتم إطلاق القمر الصناعى "كوندور إية"، والأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد "إيجيبتسات 2" وقمر الاتصالات "كازاسات-3".
ووفقا للمصدر، فإنه فى شهر مارس يجب أن يتم إطلاق القمر الصناعى "كوندور إية" وفى شهر أبريل سيتم إطلاق القمر المصرى "إيجيبتسات 2" وهو من إنتاج مؤسسة الفضاء "انيرجيا" فى (كوروليف، منطقة موسكو) وقال المصدر، إن الأجهزة السابقة لكل من مصر وكازاخستان ورفضت البلد التى تم تصميم القمر الصناعى "كوندور إيه" لها تسميته باسمها.
وسلط الإعلام الروسى الضوء على صفقات الأسلحة بين مصر وروسيا بشكل كبير حيث قالت صحيفة "فزجلياد" الروسية، إن السلطات المصرية والروسية امتنعت عن التعليق على ما نشر فى وسائل الإعلام بشأن توقيع صفقة بمقدار 2 مليار دولار، لتوريد الأسلحة الروسية إلى مصر، مؤكدة أنه بحسب خبراء فإن هذه رسالة تصديق من الجانبين.
ولفتت الصحيفة إلى أن مصر تأمل أن تشترى أنظمة الصواريخ التكتيكية "إسكندر" من موسكو، ولكن الخبراء يعتقدون أن هذا غير وارد، منوهة بأنه فى الوقت نفسه استأنفت روسيا شحنات الأسلحة إلى ليبيا المجاورة إلى مصر وهى المرة الأولى منذ سقوط نظام القذافى.
وأضافت الصحيفة، أن السعودية والإمارات ستدعمان الصفقة كما قالت وسائل الإعلام المصرية.
وأوضحت الصحيفة الروسية، أن ثانى أكبر مصدر للمساعدات المالية لمصر هى دولة الإمارات العربية المتحدة والثالثة هى الكويت فمن المحتمل جدًا أن بعض هذه الدول قد قررت مساعدة مصر الآن، ومنذ الإطاحة بمحمد مرسى ساعدت دول الخليج فى الصيف السلطات المصرية بنحو 12 مليار دولار فى صورة مساعدات وقروض.
وأشارت الصحيفة الروسية إلى حقيقة أن موسكو والقاهرة قررتا التفاوض على توريد الأسلحة، مما يعنى استعادة التقاليد والعلاقات القديمة، فمنذ 1950 وحتى 1970 كان الاتحاد السوفيتى أكبر مورد للأسلحة إلى القاهرة.
وفى السنوات الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك بدأت روسيا العودة إلى السوق المصرية وفى الفترة من 2010-2011، توصلت روسيا ومصر إلى اتفاق مبدئى لبيع معدات عسكرية تتمثل فى طائرات الهليكوبتر فى المقام الأول ومنظومات للدفاع الجوى تبلغ قيمتها 1.5 مليار دولار، بحسب الصحيفة.
وأكدت الصحيفة الروسية، أنه على الرغم من رغبة الرئيس السابق محمد مرسى فى استمرار التعاون مع روسيا إلا أن مصر لم يكن لديها المال لشراء الأسلحة ولكن تغير الوضع بعد الإطاحة مرسى وأصبحت هناك محاولات لإعداد المعاملة الحالية.
وتابعت: "فى شهر نوفمبر من العام الماضى وصل إلى القاهرة وزير الدفاع ووزير الخارجية الروسى سيرجى شويجو وسيرجى لافروف، وقال مصدر مقرب من قيادة وزارة الدفاع الروسية، ومؤسسة "التكنولوجيات الروسية"، أنهم ناقشوا مع الزملاء المصريين توريد الأسلحة لأكثر من 2 مليار دولار".
وأوضحت الصحيفة الروسية، أن السلع والأسلحة التى سيتم تصدريها إلى مصر هى أكثر الأسلحة شعبية فى الشرق الأوسط مثل المقاتلة الروسية MiG-29M/M2 والصواريخ المضادة للدبابات "كورنيت"، بالإضافة إلى ذلك، يأمل بعض المراقبين المصريين لتسليم أنظمة الصواريخ التكتيكة "إسكندر"، ومع ذلك يعتقد الخبراء أن هذا غير وارد.
وأضاف مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات، روسلان بوخوف، أنه من غير المرجح أن تكون مصر أول زبون أجنبى يشترى أنظمة الصواريخ التكتيكية "إسكندر" وأعتقد أن المصريين سيشترون أنظمة الدفاع الجوى قبل أى شىء.
وفى مقابلة مع الصحيفة، لاحظ رئيس معهد الدين والسياسة الروسى ألكسندر إجناتنكو، أن مصر تتجه الآن لشراء الأسلحة لأن لديها العديد من التهديدات الخارجية وأولها إسرائيل، بالإضافة إلى ذلك، هناك عملية مكافحة الإرهاب فى شبه جزيرة سيناء وهناك علاقات حرجة مع دول النيل خاصة إثيوبيا، التى تبنى سد النهضة والتى من شأنها عرقلة إمدادات المياه فى مصر بشكل خطير.
علق الخبير السياسى الروسى كونستانتين بوجدانوف فى وكالة "ريا نوفستى" الروسية للأنباء عن ما نشر فى وسائل الإعلام، حول إمداد روسيا لمصر بأسلحة بقيمة 2 مليار دولار، فى منتصف عام 2014.
وقال كونستانتين بوجدانوف، إنه بعد استراحة قصيرة فى الخريف الماضى من إمداد مصر بالأسلحة الروسية، ظهر موضوع عقود الأسلحة الروسية بين مصر وموسكو مرة أخرى، ووفقا لوسائل الإعلام المصرية، فإن صفقة الأسلحة ستقدر بـ 2 مليار دولار وسيمولها كل من السعودية والإمارات.
ويعتقد "بوجدانوف"، أن صفقة الأسلحة ستتضمن الطائرات الروسية "ميج 29 إم 2"، بالإضافة إلى منظومات الدفاع الجوية المضادة للطائرات "كورنيت"، مشيرا إلى أن طائرات "ميج 29" أصبحت تباع فى كل مكان فى الآونة الأخيرة، وأخر مرة تم بيعها إلى سوريا.
وأشار الخبير الروسى إلى أنه من الممكن أن يتم بيع مروحيات "Mi-8/Mi-17" و"مى 28 إن أية" صياد الليل إلى مصر التى اشترتها العراق مؤخرًا من روسيا، ولا توجد عقبات لضمان بيع هذه المروحيات لمصر.
ويرى الخبير الروسى، أنه من بين منظومات الدفاع الجوى التى قد تحتاجها مصر، هى "بوك – إم 2 إيه"، فضلا عن أنظمة الدفاع الجوى قصيرة المدى، بالإضافة إلى "تور – إم 2 إيه" أو "تور إم 2 كا" و"بانتسير –سى 1إيه".
وشدد الخبير الروسى على أن روسيا لمّحت مرارا وتكرارا للجيش المصرى أن يطلب منها قرضا لشراء الأسلحة الروسية دون تدخل أى طرف، وموسكو مستعدة للنظر فى هذه المسألة لإمدادات الأسلحة.
وأكد الخبير الروسى، أن سبب توجه مصر إلى روسيا هو قيام أمريكا فى أكتوبر عام 2013، بخفض المساعدات العسكرية لمصر بشكل كبير، وعلى الفور تم تكثيف المفاوضات بشأن شحنات الأسلحة الروسية مع الجيش المصرى بقيادة المشير عبد الفتاح السيسى.
وأوضح الخبير الروسى، أن "السيسى" له شخصيته الخاصة وطريقته، ويسعى للضغط على واشنطن لعودة المساعدات العسكرية عن طريق روسيا.
أكد نائب رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات بموسكو، كونستانتين ماكينكو، أن المحتوى الرئيسى من العقد المبرم بين روسيا ومصر على شحنات الأسلحة يمكن أن يكون الدفاعات الجوية.
وأضاف ماكينكو لوكالة "ريا نوفستى" الروسية للأنباء، أنه يستطيع أن يؤكد أنه منذ العام الماضى، تجرى مفاوضات مكثفة جدًا بين روسيا ومصر لإجراء صفقة ضخمة، ويعتقد الخبير أن المحتوى الرئيسى من هذه الصفقة هى أنظمة للدفاع الجوى.
وأضاف أن هذه الصفقة من الممكن أن تشمل طائرات هليكوبتر من طراز Mi- 17، ولكن ستكون هناك منظومات الدفاع الجوى فى بداية الصفقة.
من الجدير بالذكر أن وزيرى الدفاع والخارجية الروسيين زارا مصر فى شهر نوفمبر العام الماضى وأشاد المشير عبد الفتاح السيسى النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربى خلال زيارة الوزيرين الروسيين بعهد جديد من التعاون الدفاعى مع حليف قديم مما يبعث برسالة إلى واشنطن التى جمدت بعض المساعدات العسكرية للقاهرة.
وتوترت العلاقات بين مصر والولايات المتحدة بعد أن عزل الجيش الرئيس الإسلامى محمد مرسى فى الثالث من يوليو تموز استجابة لاحتجاجات شعبية حاشدة على حكمه ووصف الجانبان المصرى والروسى زيارة وزيرى الدفاع والخارجية الروسيين بأنها تاريخية رغم أن الوفد الروسى غادر البلاد دون الإعلان عن توقيع اتفاقيات كبيرة.
وقال نبيل فهمى وزير الخارجية المصرى انه ليس من المستهدف أن تكون روسيا "بديلا" عن أحد مهونا من تكهنات بحدوث تحول كبير فى السياسة الخارجية المصرية التى وصفت بأنها ربطت القاهرة بعلاقات قوية مع واشنطن لأكثر من 30 عاما وكانت مصر والاتحاد السوفيتى السابق حليفين وثيقين حتى السبعينات عندما تقاربت القاهرة مع الولايات المتحدة التى توسطت فى معاهدة السلام المصرية مع إسرائيل عام 1979.
وردا على هذه الزيارة قام نبيل فهمى، وزير الخارجية بزيارة إلى موسكو، اجرى خلالها مباحثات رسمية مع وزير الخارجية سيرجى لافروف لبحث سبل دفع العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا الاتحادية فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، فضلاً عن مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك بين البلدين وفى مقدمتها القضية الفلسطينية وتطورات الأزمة السورية.
وجاءت زيارة نبيل فهمى لموسكو فى إطار العلاقات التاريخية المتميزة بين مصر وروسيا اللتين تربطهما علاقات صداقة وتعاون تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بما يحقق آمال وتطلعات شعبى البلدين كما اكتسبت الزيارة أهمية خاصة فى ضوء الدور الهام لروسيا فيما يخص التطورات التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط والعالم.
أكدت الزيارات التى يقوم بها الجانبان المصرى والروسيى على قوة العلاقات بين مصر وروسيا بعد ثورة 30 يونيو وعودة محور موسكو القاهرة مرة أخرى.