صديق ضحايا جبل سانت كاترين يروى لـ"اليوم السابع"حكاية رواد التطوع مع رحلة الموت..ذهبوا ثمانية فعاد نصفهم..محمد رمضان حمل بطاطين للفقراء شتاء فمات برداً..والسلطات أفادت:لا يمكن تحرك طائرة لأنهم مصريون
الأربعاء، 19 فبراير 2014 - 17:46
ضحايا جبل سانت كاترين
سارة علام
3 أيام فوق جبل سانت كاترين، 72 ساعة تحت التجمد، ثلاث ليالى يحاول ذويهم أن يستعطفوا قيادات هذا البلد لإنقاذ 4 شباب حاولوا أن يبحثوا عن السعادة فى وطن صار الموت فيه طقساً يومياً عادياً كالإفطار الصباحى.
3 أيام كاملة مروا فيها بكل المراحل عاصفة ثلجية.. نوم مؤقت لثمانى ساعات.. ثم موت أو راحة من بلاد الإنسان أرخص ما فيها، 3 أيام .. كافية جداً لإنقاذهم إذا حملوا جنسيات لبلاد أخرى تتم إقالة المسئول فيها إذا أصيب مواطن جراء إهماله أو أحد مساعديه.
3 أيام لولا رحمة الله لنهشت أحشائهم من الذئاب، 72 ساعة فى ثلج كان برداً ولم يكن سلاماً على أرواحهم.
كانوا ثمانية شباب يقول "مصطفى" صديقهم التاسع، الذى يعمل مصوراً بأحد الصحف: "قرروا أن يذهبوا فى رحلة إلى جبل سانت كاترين، وكان الطقس عادياً ومناسباً للقيام بها، فلم يرتدى أصدقائى ما عليهم ارتدائه فى مثل تلك الرحلات، كثلاثة بنطلونات وجاكيت ثقيل وحذاء مقاوم للثلج، واصطحبوا دليلاً سياحياً بدوياً وصعدوا".
يضيف مصطفى: "فى منتصف الرحلة وقبل الوصول إلى قمة الجبل، قرر محمود 30 عاما، ويسرا 28 عاما، وإيهاب 25 عاما، ومها 21 عاما، التوقف عن الصعود لأنهم شعروا بالتعب والإعياء، واستراحوا، بينما قرر الـ4 الباقين، أحمد عبد العظيم 28 عاما، وخالد السباعى 30 عاما، وهاجر أحمد 21 عاما، ومحمد رمضان، فهبت عاصفة ثلجية بيضاء ولم يتمكنوا من التواصل مع أحد".
يكمل: "بعد هبوب العاصفة الثلجية تفرق الأربعة وقرر محمد رمضان أن ينام مكانه الذى يبعد 400 متر عن أصدقائه، بينما صعد الباقون فى محاولة للعثور على نقطة أهدأ فى هذا الجو العاصف، وظلوا يلفون حول بعضهم فى دائرة لمدة 10 ساعات كاملة بعد انعدام الرؤية أعلى الجبل بعد هبوب العاصفة، وتعبت هاجر جدا ولم تتمكن من السير، حتى أن أحدهم كان يشدها من رجليها بينما كان الـ 4 الذين قرروا عدم إكمال الصعود فى مأمن".
يستطرد: "منذ اختفائهم السبت الماضى، حاولنا مناشدة كافة السلطات المختصة لإنقاذهم، فصعد البدو وانقذوا أصدقائى الناجين (محمود ويسرا وإيهاب ومها)، الذين وجدوهم فى منطقة بعيدة عن العاصفة الثلجية، بينما طالبنا السلطات بتخصيص طائرة هيلكوبتر لإنقاذ الأربعة الباقيين الذين هم أعلى الجبل، وفى كل مرة نتلقى رداً مختلفاً، مرة ترفض السلطات التحرك لأن المفقودين مصريون وليس بينهم أجانب، ومرة أخرى لأن الأمر يحتاج إلى تصريح تتأخر إجراءاته لمدة ثلاثة أيام، ومرة رابعة لأن المنطقة ليس بها مهبط طائرات، رغم أن البدو من أهالى الجبل يحكون قصص عديدة عن إنقاذ السياح الأجانب بسرعة كبيرة فى حوادث مماثلة".
ويؤكد: "أصدقائى ماتوا منذ السبت الماضى، منذ 3 أيام وهم جثث هامدة فوق الجبل، لم يتحرك أحد لإنقاذهم وكان من الممكن إنقاذهم من الموت فى اليوم الأول إذا تحرك المسئولون بسرعة، ولكننا ندفع ضريبة الإهمال دائماً".
ويواصل: "أصدقائى أُهينوا أحياء ولم يتحرك أحد لنجدتهم، وأُهينوا أمواتاً حين تركوا ثلاثة أيام فوق الجبل، دون دفن، مؤكدا أن طائرة حربية تحركت منذ قليل وأنزلت الجثث الأربعة بينهم محمد رمضان، الذى عثر عليه مؤخرا ميتا أيضا".
أما محمد رمضان، الذى كان مفقودا على بعد 400 متر من زملائه، فكان موته دراماتيكيا، بعد أن استطاع أحد أصدقائه، أن يلتقط إشارة لبرنامج الفايبر على تليفونه المحمول، حيث كان مفتوحاً، فظن أصدقائه إنه حياً فى مكان ما ولم يتم العثور عليه، مما دفع أصدقائه لمناشدة شركة المحمول من أجل تحديد موقعه عبر خدمات الـgps ، ولكنها التكنولوجيا تخطئ بينما لا يخطئ الموت فى اختيار ضحاياه الذين ينتقيهم بعناية.
محمد رمضان، آخر المتوفين، يظهر فى صورة على صفحته على الفيس بوك يحمل البطاطين لفقراء متبرعا ليواجه مصيره فى الموت بردا.